كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

ولو كان الأصل خمس أمهات أولاد، أو أربع زوجات وأم ولد-: فأرضعن صبياً بلبنه كل واحدة رضعة-: لا تثبت الحرمة بينهن وبين الرضيع.
والمذهب: أنه تثبت بينه وبين صاحب اللبن؛ فيصير أباً للرضيع؛ لأنه وصل إلى جوفه خمس رضعات من لبنه.
وفيه وجه آخر: أنه لا تثبت؛ لأن الأمومة هي الأصل في الرضاع، ثم ينشز منها، والأمومة لم تثبت- ههنا- فلا تثبت الأبوة.
والأول المذهب.
وقيل: يجوز ثبوت حرمة الرضاع من أحد الجانبين دون الآخر؛ كما لو أرضعت امرأة بلبن رجل صبياً ثلاث رضعات، ثم نكحت زوجاً آخر، فأرضعت بلبن الثاني رضعتين-: تثبت الحرمة بينها وبين الرضيع، وإن لم تثبت بين صاحبي اللبن.
فإن قلنا: تثبت الأبوة، فهل يشترط أن تكون هذه الرضعات متفرقات في خمس أوقات؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول صاحب "التلخيص": يشترط؛ لأن التحريم لا يثبت في حقهن، إنما يثبت في حق الرجل؛ فيكون كالواحدة إذا أرضعت: لا يثبت التحريم، إلا في خمسة أوقات.
والثاني: لا يشترط اختلاف الأوقات؛ لأن وجود الرضعات من نسوة في وقت واحد-: كوجودها من امرأة واحدة في أوقات مختلفة؛ ألا ترى أن اللبن لو حلب من خمس نسوة في إناء واحد، وأوجر الصبي دفعة واحدة-: يكون من كل واحد رضعة، فإذا أثبتنا الحرمة بين الرضيع وصاحب اللبن-: فالمرضعات يحرمن على الرضيع لا لكونهن أمهات، ولكن لكونهن موطوءات الأب.
ولو كان لرجل أو لامرأة خمس بنات أو خمس أخوات، وأرضعن صبياً كل واحدة رضعة-: لا تثبت الحرمة بينه وبين المرضعات، وهل تثبت بين أب البنات وأم البنات والأخ؟ يترتب على المسألة الأولى: إن قلنا هنا: لا تثبت-: فههنا أولى؛ وإلا فعلى الوجهين:
أحدهما: وبه قال صاحب "التلخيص"-: تثبت.
والثاني: لا تثبت.
والفرق: أن صاحب اللبن هناك واحد، وههنا بخلافه.
والأصح ههنا: أنه لا تثبت؛ لأن ثبوت التحريم لكونه جداً للرضيعة، أو لكون الأخ

الصفحة 301