كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

خالاً لها، فإذا لم تصر المرضعة أماً، كيف يصير أبوها جداً، أو أخوها خالاً؛ بخلاف المسألة الأولى، وإن لم تثبت الحرمة بثوت الشركة في اللبن، فإذا أثبتنا الحرمة: فتحرمن المرضعات على الرضيع، لا لكونهن أمهات، ولكن لكون البنات أخوات له، ولكون الأخوات عمات له.
ولو كان لرجل أقرباء: أم وبنت، وأخت، وبنت أخت، وبنت أخ، فأرضعن مولوداً؛ كل واحدة رضعة في خمس أوقات-: فهل يثبت التحريم؟ يرتب على البنات، إن قلنا هناك: لا يثبت فههنا أولى؛ وإلا فوجهان: الأصح: أنه لا يثبت؛ والفرق: أن هناك أمكن نسبته إليه بجهة واحدة، فيقال: نافلته؛ وههنا: لا يمكن.
وقال صاحب "التلخيص": يثبت التحريم؛ فيكون الرضيع ولد أب الرجل، وهو جد له، ولا يكون ولداً لهن.
وعلى هذا الوجه: تحرم المرضعات على الرضيع، لا على معنى أنهن أمهات، بل على معنى أن أم الرجل زوجة أبيه، وأخت الرجل بنت أبيه، وبنت الرجل وبنت أخيه وبنت أخته نوافل أبيه، وإذا حرمت على أبيه، وحرمت على الرجل؛ لأنها تصير له كالأخت.
ولو تغير اللبن عن حاله بأن حمض-: تثبت به الحرمة؛ وكذلك: لو اتخذ منه الأقط والجبن، أو أخرج زبده، فأطعم الصبي من الزبد، أو المخيض، أو ثرد، أو عجن به دقيق، فخبز وأطعم الصبي-: تثبت له الحرمة.
وعند أبي حنيفة: لا تثبت.
ولو خلط اللبن بماء أو بمائع آخر، وأطعم الصبي-: نظر: إن كان اللبن غالباً-: يثبت به التحريم، وإن شرب بعضه.
وإن كان اللبن مغلوباً-: ففيه قولان:
أحدهما: لا تثبت الحرمة، وبه قال أبو حنيفة؛ كالمحرم إذا أكل طعاماً فيه طيب مستهلك-: لا تجب عليه الفدية.
والثاني- وهو الأصح-: تثبت؛ لأن اللبن قد وصل إلى جوفه وكونه مغلوباً لا يعدمه بخلاف الطيب؛ لأن المحرم ممنوع من التطيب، ولا يحصل التطيب بعد الاستهلاك.
فإن قلنا: تثبت، فاختلفوا فيه.
منهم من قال: إنما تثبت إذا كان فيه من اللبن ما يقع موقع الغذاء للصبي، فإن وقعت قطرة في جرة-: فلا تثبت، وإن شرب كله.
ومنهم من قال: تثبت كيفما كان؛ كالنجاسة تقع في أقل من قلتين من الماء: تنجسه،

الصفحة 302