كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فأما الكبيرة التي لم تباشر إرضاع الخامسة: إن لم يكن مدخولاً بها-: فلها نصف المسمى على الزوج؛ لأن الفسخ جاء من غيرها، ويرجع الزوج بنصف مهر مثلها على المرضعة، وإن كانت مدخولاً بها-: فعلى الزوج لها كمال المسمى، ويرجع بكمال مهر مثلها على المرضعة.
وأما التي باشرت الإرضاع، فإن لم يكن مدخولاً بها-: فلا مهر لها؛ لأن الفسخ جاء من قبلها، وإن كانت مدخولاً بها-: فلها جميع المهر.
ولو نكح صغيرتين، فأرضعهما أجنبية- نظر: إن أرضعتهما معاً- انفسخ نكاحهما؛ لأنهما صارتا أختين معاً، وحرمت الأجنبية عليه على التأبيد، لأنها صارت من أمهات نسائه، وعلى الزوج للصغيرتين لكل واحدة نصف المسمى، ويرجع على المرضعة بنصف مهر مثل كل واحدة منهما، ويجوز له أن ينكح كل واحدة من الصغيرتين على الانفراد، ولا يجوز أن يجمع بينهما؛ لأنهما أختان.
وإن أرضعتهما على الترتيب- فبإرضاع الأولى: لا ينفسخ نكاحها، فإن أرضعت الثانية-: انفسخ نكاح الثانية، لأنها صارت أختاً للأولى، وهل ينفسخ نكاح الأولى؟ فيه قولان:
أصحهما- وهو اختيار المزني، ومذهب أبي حنيفة-: ينفسخ نكاحها؛ لأن انعقاد الأخوة بينهما برضاع الثانية، فصارتا أختين معاً؛ كما لو أرضعت الكبيرة الصغيرة-: ينفسخ نكاحهما؛ لأنهما صارتا أماً وبنتاً.
والقول الثاني: لا ينفسخ نكاح الأولى؛ لأن الأخوة- وإن تمت بالثانية- ولكن سببها، وهو رضاع الأولى، كان متقدماً؛ فصار كما لو نكح امرأة، ثم نكح أختها-: لا يصح نكاح الثانية، ولا يرتفع نكاح الأولى؛ بخلاف ما لو أرضعت الكبيرة الصغيرة؛ لأن- ثم- تثبت الأمومة والبنوة معاً.
ولو كانت تحته أربع رضيعات، فأرضعتهن أجنبية على الترتيب، فبإرضاع الأولى لا ينفسخ نكاحها، وإذا أرضعت الثانية- انفسخ نكاحها، وهل ينفسخ نكاح الأولى؟ فعلى قولين:
إن قلنا: لا ينفسخ، فإذا أرضعت الثالثة والرابعة- انفسخ نكاحها، ونكاح الأولى باق بحاله.
وإن قلنا: ينفسخ نكاح الأولى بإرضاع الثانية: فإذا أرضعت الثالثة-: لا ينفسخ نكاحها، فإذا أرضعت الرابعة-: انفسخ نكاح الكل.

الصفحة 307