كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

الأول صار ابناً للثاني، وهي حليلة ابنه، فحرمت عليهما على التأبيد.
وكذلك: لو جاءت امرأة أخرى للزوج الثاني، وأرضعت الأول بلبنه-: انفسخ نكاح من كانت زوجة للرضيع، حتى لو كان للزوج الثاني امرأة قد فارقها، فأرضعت الصغير بلبنه-: فكذلك، والله أعلم.
فَصْلُ
إذا نكحت امرأة في عدة الغير، فأتت بولد، وأرضعت بذلك اللبن صبياً-: فالرضيع تبع للمولود.
فإن كان المولود ابناً للأول: فالرضيع للأول، وإن كان المولود للثاني-: فالرضيع كذلك.
وإن لم يحتمل منهما بأن أتت به لأكثر من أربع سنين من طلاق الزوج الأول، ولدون ستة أشهر من وطء الثاني-: فهو منفي عنهما؛ كذلك الرضيع.
وإن احتمل كون الولد منهما-: يرى القائف؛ فأيهما ألحقه به-: كان الرضيع ابناً له، فإن لم يكن هناك قائف، أو ألحقه القائف بهما، أو نفاه عنهما، أو أشكل عليه-: يوقف حتى يبلغ المولود، فينتسب، وإن بلغ مجنوناً، فحتى يفيق، فينتسب إلى أحدهما.
ثم الرضيع يكون ابناً له: فإن مات قبل الإفاقة، وله ولد-: فولده يقوم مقامه في الانتساب، وإذا مات، وله أولاد؛ انسب بعضهم إلى أحدهما، والبعض إلى الآخر-: فهو على الإشكال.
فإذا مات ولا ولد له، أو مات صغيراً-: فالرضيع هل له أن ينتسب؟ فيه قولان:
أحدهما: ليس له ذلك؛ كما لا يعرض على القائف، بل يكون الرضيع ابناً لهما جميعاً؛ لأن اللبن قد يكون من الوطء؛ كما يكون من الولادة، وهما قد اشتركا في الوطء.
ويجوز أن يكون للمولود الواحد آباء من الرضاع؛ بخلاف النسب.
والقول الثاني- وهو الأصح-: لا يكون ابناً لهما؛ لأن الرضيع تابع للنسب، فلما لم يلحق النسب بهما-: لا يلحق الرضيع بهما، ولكن له أن ينتسب؛ لأن الانتساب يكون بالطبع وميل القلب، ويميل قلب الإنسان إلى من ارتضعت بلبنه، ويؤثر ذلك في أخلاقه، ولذلك قال النبي- صلى الله عليه وسلم- "أنا سيد ولد آدم، بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد، وأرضعت في بني زهرة".

الصفحة 310