كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

فَصْلُ
إذا فارق الزوج امرأته، أو مات عنها، ولها منه لبن أرضعت به صبياً-: تثبت به الحرمة بينه وبين صاحب اللبن، سواء كان قبل انقضاء عدتها، أو بعده، وإن بقي ذلك اللبن عشر سنين أو أكثر، إذا لم ينقطع، وإن انقطع، ثم عاد-: فكذلك على ظاهر المذهب، سواء عاد بعد مضي أربع سنين من وقت الطلاق أو قبله.
وقيل: إن عاد بعد مضي أربع سنين، فأرضعت به صبياً-: لا يثبت التحريم بينه وبين الزوج، كما لو أتت بولد: لا يلحقه، وبه كالبكر، إذا نزل لها لبن، فأرضعت به صبياً: كان ابناً لها من الرضاع، لا أب له.
ولو تزوجت امرأة، فنزل لها لبن قبل أن يطأها الزوج، أو بعدما وطئها قبل أن يكون من ذلك الوطء لبن، فأرضعت به صبياً-: يكون الرضيع ابناً لها دون الزوج.
وإذا فارق الرجل زوجته، وانقضت عدتها، فنكحت زوجاً آخر، وأتت منه بولد، فأرضعت بذلك اللبن صبياً-: يكون الرضيع ابناً للثاني؛ سواء كان لها لبن من الأول إلى أن أرضعت الثاني، أو لم يكن؛ لأن حكم الأول قد انقطع بالولادة من الثاني، وإن كان لها لبن من الأول، فأرضعت به صبياً قبل أن تلد للثاني- نظر: إن كان قبل أن أصابها الثاني أو بعده قبل أن تحبل منه أو بعد ما حبلت، وكان من أوائل الحبل، وقالت القوابل: لا يكون لذلك لبن-: فهو لبن للأول؛ سواء زاد اللبن أو لم يزد، وسواء انقطع ثم عاد، أو لم ينقطع؛ كما لو لم يوجد نكاح الثاني.
وإن قالت القوابل: يتصور نزول اللبن بهذا الحبل، بأن كان قد قرب من الولادة؛ فلا يخلو: إما إن كان اللبن لم ينقطع من الأول، أو انقطع ثم عاد.
فإن لم ينقطع- نظر: إن لم يزد لبنها بهذا الحمل-: فالرضيع ابن للأول.
وإن زاد لبنها-: ففيه قولان:
قال في القديم: هو ابن لهما جميعاً؛ لأن اللبن كان موجوداً من الأول؛ فزاد بسبب الثاني.
وقال في الجديد- وهو الأصح، وهو اختيار المزني-: هو ابن للأول؛ لأن اللبن من الأول يقين، والزيادة تحتمل من الثاني، ويحتمل أن يكون الفضل طعامأً أكلته، فلا تثبت حرمة الرضاع بالشك.
أما إذا انقطع اللبن، ثم عاد في الوقت الذي ينزل فيه اللبن على الحمل، فأرضعت به صبياً: ففيه ثلاثة أقاويل:

الصفحة 312