كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

والثاني: لا يستأنف؛ لأنها تضرر به، وفي مدة الإمهال يجوز لها الخروج عن البيت؛ لتحصيل النفقة بسؤال أو كسب، إن كانت معسرة، وإن كانت موسرة، فلا، ويجوز للمرأة منع نفسها عن الزوج بفقد النفقة، ولكن لا نفقة لها في زمان المنع، حتى لا يصير ديناً على الزوج. فإذا اختارت المقام معه، ولم تمنع نفسها منه-: ثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من الطعام والإدام والكسوة، ونفقة الخادم، فإذا أيسر طولب بها، ولا يثبت في ذمته: ما لا يجب على المعسر من الزيادة على نفقة المعسر، فإذا أعسر الزوج بالصداق، هل يثبت لها الفسخ؟ فيه أقوال:
أصحها: يثبت، سواء كان قبل الدخول أو بعده؛ كما لو أعسر بالنفقة، ولأن النكاح معاوضة تقبل الفسخ، فيجوز فسخ بالإفلاس بالعوض، كالبيع، وأثبتنا الفسخ بعد الدخول، لأن البضع لا يتلف حقيقة بوطأة واحدة.
والثاني: لا يثبت لها الفسخ؛ لأن النفس تقوم بدونه؛ كما لو كان عليها دين آخر، وكما لو أعسر بنفقة الزمان الماضي، حتى صار ديناً في الذمة.
والثالث: إن كان بعد الدخول لا فسخ لها؛ لأن البضع صار في حكم التالف بالدخول، وإن كان قبل الدخول-: فلها الفسخ؛ كالمشتري إذا أفلس، والمبيع قائم-: فللبائع فسخ البيع، وإن كان تالفاً-: فلا فسخ له.
وإن أثبتنا-: هل يحتاج إلى الحاكم؟ حكمه حكم الإعسار بالنفقة.
وإن كان قد نكحها مفوضة-: فلا خيار لها بسبب العجز عن الصداق؛ لأنه لا يجب لها المهر بالعقد؛ على أصح القولين، ولكن لها مطالبته بالفرض، فإذا فرض-: فهو كالمسمى في العقد، وإذا أثبتنا لها الفسخ بالإعسار بالصداق، فرضيت به، ولم تفسخ، ثم بدا لها أن تفسخ-: ليس لها ذلك؛ لأنه ضرر واحد؛ كما لو وجدت به عيباً فرضيت به.
أما إذا أعسر بالنفقة، فرضيت بإعساره، واختارت المقام معه على الإعسار، ثم بدا لها أن تفسخ-: فلها ذلك؛ لأنه حق يتجدد كل يوم.
وكذلك: لو نكحت عالمة بإعساره-: فلها الخيار بفقد النفقة، فإذا أرادت الفسخ بعد الرضا، وقلنا: يمهل ثلاثاً-: نضرب المدة ثانياً، وإذا اختارت المقام مع الإعسار بالنفقة-: لا يلزمها التمكين من الاستمتاع، ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة-: فلا تجب مع عدمها، أما في الإعسار بالصداق بعد الدخول-: ليس لها الامتناع من التمكين إذا اختارت المقام معه.
وإن كانت المرأة غير بالغة أو مجنونة-: فليس لوليها فسخ العقد بسبب الإعسار بالنفقة،

الصفحة 359