كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

الابن على أولاده الزمني المعسرين من مال الأب المجنون بعد إذن الحاكم، وإن كان الذي عليه- النفقة غائباً- فالقاضي يأمر من يستقرض؛ فينفق عليه، ثم على الغائب قضاؤه، إذا رجع.
ولو استقرض المستحق، فأنفق على نفسه ليرجع على الغائب- نظر: إن فعل بأمر القاضي-: رجع، وإن فعل دون أمره، [وفي البلد قاض]-: لا يرجع، وإن لم يكن في البلد قاض-: هل يرجع؟ فيه وجهان:
قال صاحب "التلخيص": نفقة القريب لا تصير ديناً إلا ههنا، وهو: أن يكون من عليه غائباً أو ممتنعاً، فيأمر القاضي المنفق عليه أن يستقرض، فينفق على نفسه، ثم على من عليه، قضاؤه.
والولد الصغير المعسر تكون نفقته وكسوته وخدمته على الأب، وكذلكك رضاعة ما لم يبلغ مبلغاً يمكنه الكسب، ولا يجب على الأم؛ لقوله تبارك وتعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
ولو غاب الأب تستدين الأم عليه، وهل تحتاج إلى إذن الحاكم؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، بل هو حق يثبت لها بالشرع.
والثاني: بلى؛ لأنه لا ولاية لها على الولد.
فإن قلنا: لا تحتاج إلى إذنه، أو قلنا: تحتاج، ولكن لم يكن في البلد حاكم: فإن أشهدت-: رجعت؛ وإلا فعلى وجهين.
وإن أنفقت من مال نفسها متبرعة-: لا ترجع، وإن نوت الرجوع، وأشهدت-: رجعت، وإن لم تشهد-: فوجهان:
وإن كان الأب معسراً-: هل تلزمه نفقة الصغير؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأنه من تتمة مؤنة الاستمتاع، كنفقة الزوجة؛ فعلى هذا يستدان على الأب حتى يوسر، ولا يجب على الجد، ولا على الأم.
والثاني: وهو الأصح عندي-: لا يجب على الأب المعسر؛ كنفقة القريب البالغ، بل يجب على الجد، أو على الأم، إذا كانا موسرين.

الصفحة 387