كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

أو بائناً؛ فعاد حقها في الحالين.
وإذا ماتت الأم، أو فسقت، أو كانت رقيقة أو كافرة، أو جنت أو نكحت-: فأم الأم، وإن علت، أولى من الأب.
قضى أبو بكر على عمر- رضي الله عنهما- بأن جدة ابنه أحق به منه.
ويقدم أقربهن، ما لم تنكح، وإن نكحت-: كان الحق للأب، إلا أن تنكح الجدة جد الصبي أبا أبيه، أو أبا أمه، إن أثبتنا له الحضانة أو عمه؛ على أحد الوجهين؛ فلا يسقط حقها.
ولو رضي الأب يكون الولد عند الأم بعد ما نكحت، ورضي به زوجها، فلا حق للجدة؛ على أصح الوجهين؛ بل يكون عند الأم.
وقيل: لا يسقط حق الجدة برضا الأب.
ولو غابت الأم، أو امتنعت من الحضانة-: فالحق ينتقل إلى الأب، أو إلى الجدة؟ فيه وجهان:
أصحهما: إلى الجدة؛ كما لو جنت الأم، أو ماتت.
والثاني: ينتقل إلى الأب، بخلاف ما لو جنت، أو ماتت؛ لأنها بالجنون والموت سقط حقها من الحضانة، وبالغيبة والامتناع-: لم يسقط إلا أنها تركت حقها؛ كما في ولاية التزويج: إذا جن الولي الأقرب، أو مات-: يزوجها الأبعد، ولو غاب الأقرب، أو عضل-: لا يزوجها الأبعد، إنما يزوجها السلطان، أما الأب إذا غاب-: فالحق للجد؛ كما لو جن أو سق-: فلا ينتقل إلى السلطان؛ بخلاف التزويج؛ لأن الغائب يمكنه التزويج إلا أنه تعذر الوصول إليه؛ فناب عنه السلطان، والغائب لا يمكنه الحضانة، فكانت الغيبة كالموت والجنون.
وإذا بلغ المولود سبع سنين أو ثمان سنين، وعقل عقل مثله-: يخير بين الأبوين، فأيهما اختاره يكون عنده، سواء كان المولود ذكراً أو أنثى، وقولنا: سبع سنين، أو ثمان سنين - تنويع؛ فإن من الصبيان من يعقل لسبع، ومنهم من يعقل لثمان.
والدليل عليه: ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه-: "أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خير غلاماً بين أبيه وأمه".

الصفحة 394