كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

وإن كان الولد بعضه حراً: إن كان الأب حراً-: فعلى الأب قدر حريته من الحضانة، والباقي على المولى.
بَابُ نَفَقَةِ المَمَالِيكِ
روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "المملوك له طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق".
يجب على المولى نفقة مملوكه وكسوته، سواء فيه القن، وأم الولد، والمدبر، والمرهون، ومن كان في إجارة الغير، ولا تجب عليه نفقة مكاتبه؛ لأنه كالخارج عن الملك؛ بدليل أنه لو قال: مماليكي أحرار-: لا يعتق المكاتب.
ويجب على المكاتب نفقة مملوكه، ولو كان العبد مشتركاً بين رجلين-: فعليهما نفقة كل واحد بقدر ملكه، ولا تتقدر نفقة المملوك؛ بل تجب بقدر الشبع من معروف نفقة دقيق بلده: حنطة كانت، أو شعيراً، أو ذرة، أو تمراً، أو أقطاً.
وكذلك: تجب كسوتهم من معروف لباسهم: صوفاً، أو قطناً، أو كتاناً.
فإن كان المولى من المتنعمين بلبس الثياب المرتفعة، وبأكل الأطعمة الشهية فوق ما يأكله ويلبسه عامة أهل البلد-: فيستحب أن يطعم ويلبس رقيقه مثل ذلك.
ولكن: لا يجب فوق ما يأكل ويلبس عامة أهل البلد، وما روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إخوانكم خولكم؛ جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس" فذلك خطاب مع العرب، وكانت أطعمتهم ولباسهم متقاربة.
فإن كان الرجل يقتات دون قوت أمثاله: إما شحاً أو تزهداً-: فهل يلزمه أن يطعم رقيقه ويلبسه فوق ذلك من عامة طعام رقيق البلد ولباسهم؟ فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه؛ كزكاة الفطر: تكون من غالب قوت البلد، وإن كان هو يقتر على نفسه.

الصفحة 401