كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

والثاني: لا يلزمه فوق ما يأكل ويلبس؛ لأنه ليس من المعروف أن يزاد طعام العبد على طعام المولى.
وإن كانت له جارية ذات جمال وفراهة: يزاد في حسن لباسها، وطيب طعامها، سواء كانت يتسرى بها أو لا يتسرى بها؛ لأنه المعروف بين الناس؛ بخلاف العبد يسوي فيه بين الحسن والقبيح؛ لأنه لا يراد منه ما يراد من الجارية، وإذا ولي واحد من عبيده إصلاح طعامه-: يستحب أن يجلسه ليأكل معه: فإن لم يفعل-: يعطيه منه لقمة أو لقمتين، ويخصه من بين سائر الأرقاء؛ لأنه إذا تولى إصلاحه ربما اشتهى منه، وأقل ما يرد به شهوته لقمة؛ والدليل عليه: ما روي عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه حره وعمله-: فليقعده، فليأكل معه، وإلا فليناوله أكلة من طعام".
وإذا زمن رقيقه أو عمي-: يجب عليه نفقته وكسوته أو بيعه أو إعتاقه: فإن لم يفعل-: باعه السلطان عليه، وإذا أتت أمته أو أم ولده بولد-: لم يكن له إجبارها على إرضاع ولد الغير إلا أن يفضل عن ري ولدها، أو يغتذي ولدها بطعام آخر يقيم بدنه- فحينئذ: له إجبارها على إرضاع ولد الغير، ويجوز له إجبار أمته وأم ولده على فطام ولدها قبل الحولين، إذا كان الولد يغتذي بالطعام، وله إجبارها على الإرضاع بعد الحولين، وإن كان يغتذي بالطعام، إذا لم يضر بالأم؛ بخلاف الحرة: إذا أراد أحد الأبوين الفطام قبل الحولين-: فللآخر إكمال الحولين، أيهما أراد الفطام-: له ذلك إذا كان الولد يغتذي بالطعام، إلا أن يتفقا على أن يزيدا-: فيجوز.
ولا يجوز للمولى أن يكلف رقيقه من العمل ما لا يطيق؛ بل يضرب عليه عملاً يطيق الدوام عليه؛ فإن كان يطيقه يوماً أو يومين، ثم يعجز-: فهو تكليف ما لا يطيق، فإذا عمل بالنهار-: تركه للراحة بالليل، وإذا عمل بالليل-: تركه يستريح بالنهار؛ فإن كان في الشتاء-: عمل بالنهار، ومن أول الليل، وفي السحر.
وإن كان في الصيف-: تركه للقائلة؛ كما هو العادة.
وإن كان للعبد زوجة-: تركه للاستمتاع بالليل، ولا يجوز أن يخارج مملوكه إلا برضاه؛ كما لا يكاتبه إلا برضاه، وهو أن يضرب عليه خراجاً معلوماً يؤديه، وإن طلب العبد ذلك-: لا يجبر الولي عليه؛ كما لا يجبر على الكتابة؛ فإن اتفقا عليه-: جاز، إذا كان له كسب.

الصفحة 402