كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 6)
فيه وهو يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ قال: دين علي، قال: كم مبلغه؟ قال: خمسة عشر ألف دينار- أو بضعة عشر ألف دينار [1]- قال: فهو علي. وقال شيبة بن نعامة الضبي: كان علي بن الحسين رضي الله عنهما يبخل، فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت. وفي رواية: أنه كان إذا أقرض قرضا لم يستعده، وإذا عار ثوبا لم يرتجعه [2] ، وإذا وعد شيئا لم يأكل ولم يشرب حتى يفي بوعده، وإذا مشى في حاجة فوقفت قضاها من ماله. وكان يحج ويغزو ولا يضرب راحلته. وكان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة. وقال الزهري: لم أر هاشميا أفضل منه ولا أفقه منه.
أنبأنا [3] محمد بن أبي منصور الحافظ، قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم المكي، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر، قال: أخبرني علي بن أحمد بن عبد الرحمن الأصبهاني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، قال: سمعت الزهري يقول:
وجه عبد الملك بن مروان رسلا في حمل علي بن الحسين فوجدوه بمكة، فحملوه مكبلا بالحديد ومنع الناس أن يدخلوا عليه.
قال ابن شهاب: فأذنت عليه، فصرفني البوابون من عند عبد الملك فأذنوا لي، فدخلت عليه الحبس وجعلت أتوجع له وأقول له: يعز عليّ يا ابن رسول الله أن أراك على مثل هذه الحالة، فلما رأى شدة حزني وبكائي، قال: يا زهري، لا تجزع إن هذا الحديد لا يؤذيني، ثم نزعه من رجله ووضعه بين يدي، وقال: لست أجوز معهم ذات عرق.
قال: ثم مضوا به محمولا، فما لبثنا بعد ذلك إلا أربعة أيام حتى [أتت] [4] رسل عبد الملك يسألون عن علي بن الحسين وقد فقدوه، فقلت كيف كان أمره؟ قالوا: لما
__________
[1] «أو بضعة عشر ألف دينار» : سقط من ت.
[2] في الأصل: «يرجعه» وما أوردناه من ت.
[3] من هنا ساقط من ت الرواية كلها.
[4] ما بين المعقوفتين: أضفناها لاستقامة المعنى.
الصفحة 330
348