كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 6)
نزلنا ذات عرق فبتنا بها ليلتنا تلك فلما أصبحنا وجدنا حديده وفقدناه.
قال ابن شهاب: فقدمت بعد ذلك بأسبوع على عبد الملك وهو بالشام فسألني عن علي بن الحسين، فقلت: أنت أعلم به مني، فقال: إنه قدم علي في اليوم الذي فقده فيه أصحابي بذات عرق فدخل علي من هذا الباب فقال: ما أنا وأنت، فقلت:
أريد أن تقيم عندي [1] ... قال علماء السير: حج هشام بن عبد الملك ولم يل الخلافة بعد، فطاف بالبيت فجهد أن يصل إلى الحجر فيستلمه، فلم يقدر عليه، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس، فأقبل علي بن الحسين فطاف بالبيت، فلما بلغ إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلمه، / فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟
فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضرا، فقال الفرزدق: ولكني أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس؟، فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمى إلى ذروة العز [2] التي قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم [3]
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه ... لخر يلثم منه الكف والقدم [4]
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم
من جده دان فضل الأنبياء له. ... وفضل أمته دانت له الأمم
__________
[1] إلى هنا انتهى السقط الّذي بدأ من أول الرواية: «أنبأنا محمد بن أبي منصور الحافظ، قال: أخبرنا أبو الفضل ... » . وهنا جاء في الأصل بعدها: «قال الناقل: وجدت هذه الحكاية في الأصل: إلى هاهنا لا غير، ووجدت مكتوبا في الأصل هذا: ولم أجد في الأصل تمامها» .
[2] في الأغاني: «ذروة الدين» .
[3] الشطر الثاني من البيت في الأغاني: «عنها الأكف وعن إدراكها القدم» .
[4] هذا البيت غير موجود في الأغاني، والبداية، وت.
الصفحة 331
348