كتاب فيض القدير - ط العلمية (اسم الجزء: 6)

وعليه أكثر العلماء لأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر وأمس من حاجته للقراءة لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور وما يقع فيها من الحوادث غير محصور فلو لم يكن فقيها فائقا فيه كثيرا ما يعرض له في صلاته ما يقطعها عليه وهو غافل عنه (حم عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله موثقون اه ، وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في صحيحه بلفظ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وكذا أبو داود والترمذي وعلقه البخاري.
9992 - (يبصر أحدكم القذى في عين أخيه) في الإسلام جمع قذاة وهي ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ (وينسى الجذع) واحد جذوع النخل (في عينه) كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم الله من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم [ ص 457 ] الأحوال لأهلها أسلم والله أعلى وأعلم ولله در القائل : أرى كل إنسان يرى عيب غيره * ويعمى عن العيب الذي هو فيه فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه * ويعمى عن العيب الذي بأخيه وما ذكر من أن الحديث هكذا هو ما وقفت عليه في نسخ وذكر ابن الأثير أن سياق الحديث " يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذل في عينه " قالوا والجذل بالكسر والفتح أصل الشجر يقطع وقد يجعل الله العود جذلا (تنبيه) هذا الحديث مثل من أمثال العرب السائرة المتداولة وروي عنهم بألفاظ مختلفة فمنها أن رجلا كان صلب أبوه في حرب ثم تناول آخر وعابه فقال له الآخر : يرى
أحدكم القذاة في عينه ولا يرى الجذع معترضا في أست أبيه وفي لفظ تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع المعترض في حلقك وفي لفظ في أستك وفي لفظ في عينك فكل هذا أمثال متداولة بينهم (حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال العامري : حسن.
9993 - (يبعث الناس على نياتهم) قال الداودي : معناه أن الأمم تعذب ومعهم من ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم فالطائع عند البعث يجازي بعمله والعاصي تحت المشيئة قال ابن حجر : والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الهلاك الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد على حسب نيته - (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته.
9994 - (يبعث كل عبد على ما مات عليه) أي على الحال التي مات عليها من خير وشر قال

الصفحة 591