كتاب فيض القدير - ط العلمية (اسم الجزء: 6)

فهو كناية عن النصرة والغلبة لأن من تابع الإمام الحق فكأنما تابع الله ومن تابع الله نصره وخذل أعداءه أي هو ناصرهم ومصيرهم غالبين على من سواهم اه.
وقال ابن عربي : حكمة ذلك أن الله لا يعقل إلها إلا من حيث أسمائه الحسنى لا من حيث هو معرى عنها فلا بد من توحيد عينه وكثرة أسمائه وبالمجموع [ ص 460 ] هو الإله فيد الله وهي القوة مع الجماعة.
أوصى حكيم أولاده عند موته فقال : إيتوني بجماعة عصى فجمعها وقال : اكسروها مجموعة فلم يقدروا ففرقها وقال : اكسروها ففعلوا فقال : هكذا أنتم لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم العدو وكذا القائلون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين الله لم يغلبه شيطان من إنس ولا جن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الإيمان والملك تلميذ له وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي ومن شذ شذ إلى النار اه بنصه ، ورواه الطبراني بلفظ يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض ورجاله كما قال الهيثمي ثقات (ت) في الفتن (عن ابن عباس) قال الترمذي : غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه وقد رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الصدر المناوي : فيه سلمان بن سفيان المدني ضعفوه وقال غيره : فيه إبراهيم بن ميمون قال ابن حجر : لكن له شواهد كثيرة منها موقوف صحيح.
10005 - (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم) أي قلوبهم (مثل أفئدة الطير) في رقتها ولينها كما في خبر أهل اليمن أرق أفئدة أي أنها لا تحمل أشغال الدنيا فلا يسعها الشئ وضده كالدنيا والآخرة أو في التوكل كقلوب الطير تغدو خماصا وتروح بطانا وفي الهيبة والرهبة لأن الطير أفزع شئ وأشد الحيوان خوفا لا يطبق حبسا ولا يحتمل إشارة هكذا أفئدة هؤلاء مما حل بها من هيبة الحق وخوف جلال الله وسلطانه لا يطيق حبس شئ يبدو من آثار القدرة ألا ترى أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئا من آثارها كغمام فزع فإذا أمطرت سرى عنه وسمع إبراهيم بن أدهم قائلا يقول كل ذنب مغفور سوى الإعراض عنا فسقط مغمي عليه وسمي علي بن الفضيل قتيل القرآن وعليه فمعنى يدخل الجنة إلخ أي
الذين هم لله خائفون وله مجلون ولهيبته خاضعون ومن عذابه مشفقون (حم م عن أبي هريرة).
10006 - (يدور المعروف على يد مائة رجل آخرهم فيه كأولهم) أي في حصول الأجر له فالساعي في الخير كفاعله ومر ما يعلم منه أن حصول الأجر لهم على هذا النحو لا يلزم التساوي في المقدار (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم ولا أحق بالعزو من ابن النجار وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه مع أن الطيالسي خرجه وكذا الديلمي باللفظ المزبور عن أنس.

الصفحة 595