كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)

@ 12 @
قيل وشكا اليزيدي يوما إلى المأمون دينا لحقه فقال ما عندي في هذه الأيام ما إن أعطيناك بلغت به ما تريد
فقال يا أمير المؤمنين إن غرمائي قد أرهقوني قال انظر لنفسك أمرا تنال به نفعا قال إن لك ندماء فيهم من أن حركته نلت به نفعا قال أفعل قال إذا حضروا عندك فمر فلانا الخادم يوصل رقعتي إليك فإذا قرأتها فأرسل إلي دخولك في هذا الوقت متعذر ولكن اختر لنفسك من أحببت قال أفعل فلما علم اليزيدي جلوس المأمون مع ندمائه وتيقن أنهم قد أخذ الشراب منهم أتى الباب فدفع إلى الخادم رقعته فإذا فيها
( يا خير إخواني وأصحابي ... هذا الطفيلي على الباب )
( أخبر أن القوم في لذة ... يصبو إليها كل أواب )
( فصيروني واحدا منكم ... أو أخرجوا لي بعض أترابي )
فقرأها المأمون عليهم وقالوا ما ينبغي أن يدخل علينا على مثل هذه الحال
فأرسل إليه المأمون دخولك في هذا الوقت متعذر فاختر لنفسك من أحببت تنادمه فقال ما أريد إلا عبد الله بن طاهر فقال له المأمون قد اختارك فسر إليه
قال يا أمير المؤمنين وأكون شريك الطفيلي
فقال ما يمكن رد أبي محمد عن أمرين فإن أحببت أن تخرج إليه وإلا فافتد نفسك منه
فقال علي عشرة آلاف قال لا يقنعه فما زال يزيد عشرة عشرة والمأمون يقول لا يقنعه حتى بلغ مائة ألف
فقال له المأمون فجعلها فكتب بها إلى وكيله ووجه معه رسولا وأرسل إليه المأمون قبض هذه الدراهم في هذه الساعة أصلح من منادمته وانفع لك
وقال عمارة بن عقيل قال لي عبد الله بن أبي السمط أعلمت أن المأمون لا يبصر الشعر قلت ومن يكون أعلم منه فوالله إنا لننشده أول البيت فيسبقنا إلى آخره قال إني أنشدته بيتا أجدت فيه فلم يتحرك له قلت وما هو قال
( أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا ... بالدين والناس بالدنيا مشاغيل )
قال فقلت والله ما صنعت شيئا هل زدت على أن جعلته عجوزا في محرابها

الصفحة 12