@ 19 @
غزاته فأغارت على بعض النواحي ورجعت منصرفة وبلغ ذلك أبا سعيد فجمع الناس وخرج في طلب السرية فاعترضها في بعض الطرق فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل أبو سعيد من أصحاب بابك جماعة وأسر جماعة واستنقذ ما كانوا أخذوه وسير الرؤوس والأسرى إلى المعتصم فكانت هذه أول هزيمة على أصحاب بابك
ثم كان الأخرى لمحمد بن البعيث وذلك أن محمدا كان في قلعة له حصينة تسمى الشاهي كان ابن البعيث قد أخذها من ابن الرواد وهي من كورة أذربيجان وله حصن آخر من أذربيجان يسمى تبريز وكان مصالحا لبابك تنزل سراياته عنده فيضيفهم حتى أنسوا به ثم إن بابك وجه قائدا اسمه عصمة من اصبهبديته في سرية فنزل بابن البعيث فأنزل له الضيافة على عادتها واستدعاه له في خاصة ووجوه أصحابه فصعد فغذاهم وسقاهم الخمر حتى سكروا ثم وثب على عصمة فاستوثق منه وقتل من كان معه من أصحابه وأمره أن يسمي رجلا رجلا من أصحابه فكان يدعو الرجل باسمه فيصعد فيضرب عنقه حتى علموا بذلك فهربوا وسير عصمة إلى المعتصم فسأل المعتصم عصمة عن بلاد بابك فأعلمه طرقه ووجوه القتال فيها ثم ترك عصمة محبوسا فبقي إلى أيام الواثق
ثم إن الأفشين سار إلى بلاد بابك فنزل برزند وعسكر بها وضبط الطرق والحصون فيما بينه وبين أردبيل وانزل محمد بن يوسف بموضع يقال له خش فحفر خندقا وأنزل الهيثم الغنوي برستاق أرشق فأصلح حصنه وحفر خندقه وأنزله علويه الأعور من قواد الأبناء في حصن النهر مما يلي أردبيل فكانت السابلة والقوافل تخرج من أردبيل ومعها من يحميها حتى تنزل بحصن النهر ثم يسيرها صاحب حصن النهر إلى الهيثم الغنوي فيلقاه الهيثم بمن جاء إليه من ناحية في موضع معروف لا يتعداه أحدهم إذا وصل إليه فإذا لقيه أخذ ما معه وسلم إليه ما معه ثم يسير الهيثم بمن معه إلى أصحاب أبي سعيد فيلقونه بمنتصف الطريق ومعهم من خرج من العسكر فيتسلمون ما مع الهيثم ويسلمون إليه ما معهم وإذا سبق أحدهم إلى المنتصف لا يتعداه ويسير أبو سعيد بمن معه إلى عسكر الأفشين فيتلقاه صاحب سيارة الأفشين فيتسلمهم منه ويسلم إليه من صحبه من العسكر فلم يزل الأمر على هذا وكانوا إذا ظفروا بأحد من الجواسيس حملوه إلى الأفشين فكان يحسن إليهم ويهب لهم ويسألهم عن الذي يعطيهم بابك فيضعفه لهم ويقول لهم كونوا جواسيس لنا فكان ينتفع بهم