كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)

@ 415 @
ربما كسر جفنه فلقب بالأحول إلى قتال أبي عبد الله الشيعي
فلما بلغه حركته خرج إليهم في جموع كثيرة وألتقوا عند كموشة فقتل بينهم خلق عظيم وانهزم الأحول إلا أنه أقام في مقابلة أبي عبد الله
وكان أبو العباس أيام أبيه على خوف شديد منه لسوء أخلاقه واستعمله أبوه على صقلية ففتح فيها مواضع متعددة وقد تقدم ذكر ذلك أيام والده
ولما ولي أبو العباس أفريقية كتب إلى العمال كتابا يقرأ على العامة يعدهم فيه الإحسان والعدل والرفق والجهاد ففعل ما وعد من نفسه وأحضر جماعة من العلماء ليعينوه على أمر الرعية
وله شعر فمن ذلك قوله بصقلية وقد شرب دواء
( شربت الدواء على غربة ... بعيدا من الأهل والمنزل )
( وكنت إذا ما شربت الدوا ... أطيب بالمسك والمندل )
( وقد صار شربي بحار الدما ... ونقع العجاجة والقسطل )
واتصل بأبي العباس عن ولده أبي مضر زيادة الله والي صقلية له اعتكافه على اللهو وادمانه شرب الخمر فعزله وولى محمد بن السرقوسي وحبس ولده
فلما كان ليلة الأربعاء آخر شعبان من سنة تسعين ومائتين قتل أبو العباس قتله ثلاثة نفر من خدمه الصقالبة بوضع من ولده وحملوا رأسه إلى ولده أبي مضر وهو في الحبس فقتل الخدم وصلبهم وكان هو الذي وضعهم
فكانت إمارته سنة واثنتين وخمسين يوما
وكان سكناه وقتله رحمه الله بمدينة تونس
وكان كثير العدل أحضر جماعة كثيرة عنده ليعينوه على العدل ويعرفوه من أحوال الناس ما يفعل فيه على سبيل الانصاف
وأمر الحاكم في بلده أن يقضي عليه وعلى جميع أهله وخواص أصحابه ففعل ذلك
ولما قتل ولي ابنه أبو مضر
وكان من أمره ما نذكره سنة ست وتسعين ومائتين
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة منتصف رمضان قتل عبد الواحد بن الموفق وكانت والدته إذا سألت عنه قيل لها إنه في دار المكتفي
فلما مات المكتفي أيست منه فأقامت عليه مأتما
وفيها كانت وقعة بين أصحاب إسماعيل بن أحمد وبين جستان الديلمي بطبرستان فانهزم ابن جستان وفيها لحق إسحاق الفرغاني وهو من أصحاب بدر بالبادية وأظهر الخلاف على الخليفة المكتفي فحاربه أبو الأغر فهزمه إسحاق وقتل من أصحابه جماعة وفيها سير خاقان المفلحي إلى الري في جيش كثيف ليتولاها
وفيها صلى الناس العصر بحمص وبغداد في الصيف ثم هب هواء من ناحية الشمال فبرد الوقت واشتد البرد حتى احتاج الناس إلى النار ولبس الجباب وجعل البرد يزداد حتى جمد الماء
وفيها كانت وقعة بين إسماعيل بن أحمد وبين محمد بن هارون بالري فانهزم محمد ولحق بالديلم مستجيرا بهم ودخل إسماعيل الري
وفيها زادت دجلة قدر خمسة عشر ذراعا
وفيها خلع المكتفي على هارون بن بدر وغيره من أصحاب أبيه في جمادى الأولى
وفيها هبت ريح عاصف بالبصرة فقلعت كثيرا من نخلها وخسف بموضع منها هلك فيه ستة آلاف نفس وزلزلت بغداد في رجب عدة مرات فتضرع أهلها في الجامع فكشف عنهم
( وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله العباسي )
وفيها مات أبو حمزة بن محمد بن إبراهيم الصوفي وهو من أقران سري السقطي

الصفحة 415