@ 433 @
يسمعوا ولم يقيموا
وسارت القرامطة من العقبة بعد أخذ الحاج وقد طموا الآبار والبرك بالجيف والتراب والحجارة بواقصة والثعلبية والعقبة وغيرها من المناهل في جميع طريقهم
وأقام بالهبير ينتظر القافلة الثالثة فساروا فصادفوه هناك فقاتلهم زكرويه ثلاثة أيام وهم على غير ماء فاستسلموا لشدة العطش فوضع فيهم السيف وقتلهم عن آخرهم وجمع القتلى كالتل
وأرسل خلف المنهزمين من يبذل لهم الأمان فلما رجعوا قتلهم
وكان في القتلى مبارك القمي وولده أبو العشائر بن حمدان
وكان نساء القرامطة يطفن بالماء بين القتلى يعرضن عليهم الماء فمن كلمهن قتلنه فقيل إن عدة القتلى بلغت عشرين ألفا ولم ينج إلا من كان بين القتلى فلم يفطن له فنجا بعد ذلك ومن هرب عند اشتغال القرامطة بالقتل والنهب فكان من مات من هؤلاء أكثر ممن سلم ومن استعبدوه
وكان مبلغ ما أخذوه من هذه القافلة ألفي ألف دينار وكان في جملة ما أخذوا فيها أموال الطولونية وأنشابهم
فإنهم لما عزموا على الانتقال من مصر إلى بغداد خافوا أن يستصحبوها فتؤخذ منهم فعملوا الذهب والنقرة سبائك وجعلوها في حدائج وجيمع ما لهم من الحلى والجوهر
وسيروا الجميع إلى مكة سرا وسار من مكة في هذه القافلة فأخذت
وبث زكرويه الطلائع خوفا من عسكر الخليفة الذي كان بالقادسية وأقام ينتظر وصول من كان في الحج من عسكر الخليفة وأصحابه
فكانوا بفيد ينتظرون هل تعرض القرامطة للحاج أم لا فكان معهم جماعة من التجار أرباب الأموال فلما بلغهم ما صنع القرامطة أقاموا ينتظرون وصول عسكر من عند الخليفة فسار زكرويه إليهم وغور الآبار
والمصانع والمياه إلى فيد فاحتمى أهل فيد ومن بها من الحجاج بالحصنين اللذين بفيد
وحصرهم فيهما القرامطة وأرسل زكرويه إلى أهل فيد يأمر بهم بإخراجهم أو بتسليم الحصنين إليه وبذل لهم الأمان على ذلك فلم يجيبوه فتهددهم بالنهب والقتل فازداد امتناعهم
وأقام عليهم عدة أيام ثم سار إلى الساج ثم إلى جعفر أبي موسى
$ ذكر قتل زكرويه لعنه الله $
لما فعل زكرويه بالحجاج ما ذكرناه عظم ذلك على الخليفة خاصة وعلى كافة