@ 444 @
وغيرهم فرضي عنهم
ودخل الحسين بغداد فرد عليه أخوه ما أخذ منه
وأقام الحسين ببغداد إلى أن ولي قم فسار إليها وأخذ الجرائد التي فيه أسماء من أعان على المقتدر فغرقها في دجلة وبسط ابن الفرات العدل والإحسان وأخرج الإدرارات للعباسيين والطالبيين وأرضى القواد بالأموال ففرق معظم ما كان في بيوت الأموال
$ ذكر حادثة ينبغي أن يحتاط من مثلها ويفعل فيه مثل فعل صاحبها $
كان سليمان بن الحسن بن مخلد متصلا بابن الفرات وبينهما مودة وصداقة فوجد الوزير كتب البيعة لإبن المعتز بخط سليمان لاتصال كان لمحمد بن دواد بن الجراح وقرابة بينهما فلم يظهر عليها المقتدر وأخفاها عنه
وأحسن ابن الفرات إلى سليمان وقلده الأعمال فسعى سليمان بابن الفرات إلى المقتدر وكتب بخطه مطالعة تتضمن ذكر أملاك الوزير وضياعه ومستغلاته وما يتعلق بأسبابه
وأخذ الرقعة ليوصلها إلى المقتدر فلم يتهيأ له ذلك وحضر دار الوزير وهي معه وسقطت من كمه فظفر بها بعض الكتاب فأوصلها إلى الوزير فلما قرأها قبض على سليمان وجعله في زوق وأحدره إلى واسط ووكل به هناك وصادره ثم أراد العفو عنه
فكتب إليه نظرت أعزك الله في حقك علي وجرمك إلي فرأيت الحق موفى على الجرم وتذكرت من سالف خدمتك ما عطفني عليك وثناني إليك وأعادني لك إلى أفضل ما عهدت وأجمل ما ألفت
وأطلق له عشرة آلاف درهم وعفا عنه واستعمله وأكرمه
$ ذكر ولاية أبي مضر أفريقية وهربه إلى العراق وما كان من أمره $
في هذه السنة مستهل شهر رمضان ولى أبو مضر زيادة الله بن أبي العباس بن عبد الله أفريقية بعد قتل أبيه فانعكف على اللذات والشهوات وملازمة الندماء والمضحكين وأهمل أمور المملكة وأحوال الرعية
وأرسل كتابا يوم ولى إلى عمه الأحول على لسان أبيه يستعجله في القدوم عليه ويحثه على السرعة فسار مجدا ولم يعلم بقتل أبي العباس فلما وصل قتله وقتل من قدر عليه من أعمامه وأخوته واشتدت شوكة أبي عبد الله الشيعي في أيامه وقوي أمره وكان الأحول قبالته فلما قتل صفت له البلاد ودانت له الأمصار والعباد
فسير إليه زيادة الله جيشا مع إبراهيم بن أبي الأغلب وهو من بني عمه بلغت عدتهم أربعين ألفا سوى من انضاف إليه فهزمه أبو عبد الله الشيعي على ما نذكره آنفا فلما اتصل بزيادة الله خبر الهزيمة علم أنه لا مقام له لأن هذا الجمع هو آخر ما انتهت قدرته إليه فجمع ما عز عليه من أهل ومال وغير ذلك وعزم على الهرب إلى بلاد الشرق وأظهر للناس أنه قد جاء خبر الهزيمة أبي عبد الله الشيعي
وأمر بإخراج رجال من الحبس فقتلهم
وأعلم خاصته حقيقة الحال وأمرهم بالخروج معه فأشرا عليه بعض أهل دولته بأن لا يفعل ولا يترك ملكه وقال له إن أبا عبد الله لا يجسر عليك
فشتمه ورد عيله رأيه وقال أحب الأشياء إليك أن يأخذني من يدي
وانصرف كل واحد من خاصته وأهله يتجهز للمسير معه وأخذ ما أمكنه حمله
وكانت دولة آل الأغلب بإفريقية قد طالت
مدتها وكثرت عبيدها وقوى سلطانها
وسار عن أفريقية إلى مصر في سنة ست وتسعين ومائتين واجتمع معه خلق عظيم فلم يزل سائرا حتى وصل طرابلس فدخلها فأقام به تسعة عشر يوما ورأى بها أبا العباس أخا أبي عبد الله الشيعي وكان محبوسا بالقيروان حبسه زيادة الله فهرب إلى طرابلس
فلما رآه أحضره وقرره هل هو أخو أبي عبد الله فأنكر وقال أنا رجل تاجر
قيل عني إنني أخو أبي عبد الله فحبستني فقال له زيادة الله أنا أطلقك فإن كنت صادقا في أنك تاجر فلا نأثم فيك وإن كنت كذبا وأنت أخو أبي عبد الله فليكن للصنيعة عندك موضع وتحفظنا فيمن خلفنا وأطلقه
وكان من كبار أهله وأصحابه إبراهيم بن أبي الأغلب فأراد قتله وقتل رجل آخر كانا قد عرضا أنفسهما على ولاية القيروان فعلما ذلك وهربا إلى مصر وقدما على العامل بها وهو عيسى النوشري فتحدثا معه وسعيا بزيادى الله وقالا له إنه يمني نفسه بولاية مصر فوقع ذلك في نفسه وأراد منعه من دخول مصر إلا بأمر الخليفة من بغداد فوصل زيادة الله ليلا وعبر الجسر إلى الجيزة قهرا فلما رأى ذلك النوشري لم يمكنه منعه فأنزله بدار ابن الجصاص ونزل أصحابه في مواضع كثيرة فأقام ثمانية أيام ورحل يريد بغداد فهرب عنه بعض أصحابه وفيهم غلام له وأخذ منه مائة ألف دينار فأقام عند النوشري فأرسل النوشري إلى الخليفة وهو المقتدر بالله يعرفه حال زيادة الله وحال من تخلف عنه بمصر فأمره برد من تخلف عنه إليه مع المال ففعل
وسار زيادة الله حتى بلغ الرقة وكتب إلى الوزير وهو ابن الفرات يسأله في