@ 450 @
وكانوا أنفذوا إلى المغرب رجلين أحدهما يعرف بالحلواني والآخر يعرف بأبي سفيان وقالوا لهما إن المغرب أرض بور فاذهبا فاحرصا حتى يجيء صاحب البذر
فسارا فنزل أحدهما بأرض كتامة ببلد يسمى مرمجنة والأخر بسوق حمار
فمالت قلوب أهل تلك النواحي إليهما وحملوا إليهما الأموال والتحف فأقاما سنين كثيرة وماتا وكان أحدهما قريب الوفاة من الآخر
$ ذكر ارسال أبي عبد الله الشيعي إلى المغرب $
كان أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا الشيعي من أهل صنعاء
وقد سار إلى ابن حوشب النجار وصحبه بعدن وصار من كبار أصحابه وكان له علم وفهم ودهاء ومكر
فلما أتى خبر وفاة الحلواني وأبي صفيان إلى ابن حوشب قال لأبي عبد الله الشيعي إن ارض كتامة من المغرب قد حرثها الحلواني وأبو سفيان وقد ماتا وليس لها غيرك فبادر فإنها موطأة ممهدة لك فخرج أبو عبد الله إلى مكة وأعطاه ابن حوشب مالا وسير معه عبد الله بن أبي ملاحف
فلما قدم أبو عبد الله مكة سأل عن حجاج كتامة فأرشد إليهم فاجتمع بهم ولم يعرفهم قصده وجلس قريبا منهم
فسمعهم يتحدثون بفضائل أهل البيت فأظهر استحسان ذلك وحدثهم بما لم يعلموه
فلما أراد القيام سألوه أن يأذن لهم في زيارته والانبساط معه فأذن لهم في ذلك فسألوه أين مقصدك فقال أريد مصر ففرحوا بصحبته
وكان من رؤساء الكتاميين بمكة رجل اسمه حريث الجميلي وآخر اسمه موسى بن مكاد فرحلوا وهو لا يخبرهم بغرضه وأظهر لهم العبادة والزهد فازدادوا فيه رغبة وخدموه وكان يسألهم عن بلادهم وقبائلهم وعن طاعتهم لسلطان افريقية فقالوا ماله علينا طاعة وبيننا وبينه عشرة أيام
قال أفتحملون السلاح قالوا هذا شغلنا
ولم يزل يتعرف أحوالهم حتى وصلوا إلى مصر فلما أراد وداعهم قالوا له أي شيء تطلب بمصر قال اطلب التعليم بها
قالوا إذا كنت تقصد هذا فبلادنا أنفع لك ونحن أعرف بحقك ولم يزالوا به حتى أجابهم إلى المسير معهم بعد الخضوع والسؤال فسار معهم
فلما قاربوا بلادهم لقيهم رجال من الشيعة فأخبروهم بخبره فرغبوا في نزوله