كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)

@ 451 @
عندهم واقترعوا فيمن يضيفه منهم ثم رحلوا حتى وصلوا إلى أرض كتامة منتصف شهر ربيع الأول سنة ثمانين ومائتين فسأله قوم منهم أن ينزل عندهم حتى يقاتلوا دونه
فقال لهم أين يكون فج الأخيار فتعجبوا من ذلك ولم يكونوا ذكروه له
فقالوا عند بني سليان فقال إليه نقصد ثم نأتي كل قوم منكم في ديارهم ونزورهم في بيوتهم فأرضى بذلك الجميع
وسار إلى جبل يقال له انكجان وفيه فج الأخيار فقال هذا فج الأخيار وما سمي إلا بكم ولقد جاء في الآثار
أن للمهدي هجرة تنبو عن الأوطان ينصره فيها الأخيار من أهل ذلك الزمان قوم مشتق اسمهم من الكتمان فإنهم كتامة وبخروجكم من هذا الفج يسمى فج الأخيار
فتسامعت القبائل وصنع من الحيل والمكيدات والنارنجيات ما أذهل عقولهم
وأتاه البربر من كل مكان وعظم أمره إلى تقاتلت كتامة عليه مع قبائل البربر وسلم من القتل مرارا وهو في كل ذلك لا يذكر اسم المهدي فاجتمع أهل العلم على مناظرته وقتله فلم يتركه الكتاميون يناظرهم
وكان اسمه عندهم أبا عبد الله المشرقي
وبلغ خبره إلى إبراهيم أحمد بن الأغلب أمير أفريقية فأرسل إلى عامله على مدينة ميلة يسأله عن أمره فصغره وذكر له أنه يلبس الخشن ويأمر بالخير والعبادة فسكت عنه
ثم أنه قال للكتاميين أنا صاحب البدر الذي ذكر لكم أبو سفيان والحواني فازدادت محبتهم له وتعظيمهم لأمره
وتفرقت كلمة البربر وكتامة بسببه فأراد بعضهم قتله فاختفى ووقع بينهم قتال شديد واتصل الخبر بإنسان اسمه الحسن بن هارون وهو من أكابر كتامة فأخذ أبا عبد الله إليه ودافع عنه
ومضيا إلى مدينة ناصرون فأتته القبائل من كل مكان وعظم شأنه وصارت الرياسة للحسن بن هارون وسلم إليه أبو عبد الله أعنة الخيل وظهر الاستتار وشهر الحروب فكان الظفر له فيها وغنم الأموال
وانتقل إلى مدينة ناصرون وخندق عليها فزحفت قبائل البربر إليها فاقتتلوا ثم اصطلحوا ثم أعادوا القتال
وكان بينهم وقائع كثيرة ظفر بهم وصارت إليه أموالهم فاستقام له أمر البربر وعامة كتامة
$ ذكر ملكه مدينة ميلة وانهزامه $
فلما تم لأبي عبد الله ذلك زحف إلى مدينة ميلة فجاءه منها رجل اسمه الحسن بن أحمد فأطلعه على غرة البلد فقاتل أهله قتالا شديدا وأخذ الأرباض فطلبوا منه

الصفحة 451