كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)

@ 454 @
عليه فلما وصل الكتاب إلى النوشري فرق الرسل في طلب المهدي وخرج بنفسه فلحقه فلما رآه لم يشك فيه فقبض عليه ونزل ببستان ووكل به فلما حضر الطعام دعاه ليأكل فأعلمه أنه صائم فرق له وقال له أعلمني بحقيقة حالك حتى أطلقك فخوفه بالله تعالى وأنكر حاله ولم يزل يخوفه ويتلطفه فأطلقه وخلى سبيله
وأراد أن يرسل معه من يوصله إلى رفقته فقال لا حاجة لي في ذلك ودعا له وقيل أنه أعطاه في الباطن مالا حتى أطلقه فرجع بعض أصحاب النوشري عليه باللوم فندم على إطلاقه وأراد إرسال الجيش وراءه ليردوه
وكان المهدي لما لحق أصحابه رأى ابنه أبا القاسم قد ضيع كلبا كان له يصيد به وهو يبكي عليه فعرفه عبيده أنهم تركوه في البستان الذي كانوا فيه
فرجع المهدي بسبب الكلب حتى دخل البستان ومعه عبيده فرآهم النوشري فسأل عنهم فقيل إنه فلان
وقد عاد بسبب كذا وكذا
فقال النوشري لأصحابه قبحكم الله أردتم أن تحملوني على قتل هذا حتى آخذه فلو كان يطلب ما قال أو كان مريبا لكان يطوي المراحل ويخفي نفسه ولا كان رجع في طلب كلب وتركه
وجد المهدي في الهرب فلحقه لصوص بموضع يقال له الطاحونة فأخذوا بعض متاعه
وكانت عنده كتب وملاحم لآبائه فأخذت فعظم أمرها عليه فيقال إنه لما خرج ابنه أبو القاسم في المرة الأولى إلى الديار المصرية أخذها من ذلك المكان وانتهى المهدي وولده إلى مدينة طرابلس
وتفرق من صحبه من التجار
وكان في صحبته أبو العباس أخو أبي عبد الله الشيعي فقدمه المهدي إلى القيروان ببعض ما معه وأمره أن يلحق بكتامة
فلما وصل أبو العباس إلى القيروان وجد الخبر قد سبقه إلى زيادة الله بخبر المهدي فسأل عنه رفقته فأخبروا أنه تخلف بطرابلس وأن صاحبه أبا العباس بالقيروان فأخذ أبو العباس وقرر فأنكر وقال إنما أنا رجل تاجر صحبت رجلا في القفل فحبسه وسمع المهدي فسار إلى قسطيلة
ووصل كتاب زيادة الله إلى عامل طرابلس بأخذه وكان المهدي قد أهدى له واجتمع به فكتب العامل يخبره أنه قد سار ولم يدركه
فلما وصل المهدي إلى قسطيلة ترك قصد أبي عبد الله الشيعي لأن أخاه أبا العباس كان قد أخذ
فعلم أنه إذا قصد أخاه تحققوا الأمر وقتلوه فتركه وسار إلى سجلماسة
ولما سار من قسطيلة

الصفحة 454