@ 458 @
عسكره وسار مجدا إليها ووجه اثني عشر ألف فارس وأمر مقدمهم أن يسير إلى باغاية فإن كان إبراهيم قد رحل عنها فلا يجاوز فج العرعار
فضى الجيش وكان أصحاب أبي عبد الله الذين في باغاية قد قاتلوا عسكر إبراهيم قتالا شديدا فلما رأى صبرهم عجب هو وأصحابه منهم فأرعب ذلك قلوبهم
ثم بلغهم قرب العسكر منهم فعاد إبراهيم بعساكره فوصل عسكر أبي عبد الله فلم يروا أحدا فنهبوا ما وجدوا وعادوا ورجع إبراهيم بن الأربس
ولما دخل فصل الربيع وطاب الزمان جمع أبو عبد الله عساكره فبلغت مائتي ألف فارس وراجل واجتمع نم عساكر زيادة الله بالأربس مع إبراهيم ما لا يحصى وسار أبو عبد الله أول جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ومائتين فالتقوا واقتتلوا أشد قتال وطال زمانه وظهر أصحاب زيادة الله
فلما رأى ذلك أبو عبد الله اختار من أصحابه ستمائة رجل وأمر أصحابه أن يأتوا عسكر زيادة الله من خلفهم فمضوا لما أمرهم في الطريق الذي أمرهم بسلوكه
واتفق أن إبراهيم فعل مثل ذلك فالتقى الطائفتان فاقتتلوا في مضيق هناك
فانهزم أصحاب إبراهيم ووقع الصوت في عسكره بكمين أبي عبد الله وانهزموا وتفرقوا وهرب كل قوم إلى جهة بلادهم
وهرب إبراهيم وبعض من معه إلى القيروان وتبعهم أصحاب أبي عبد الله يقتلون ويأسرون وغنموا الأموال والخيل والعدد ودخل أصحابه مدينة الأربس فقتلوا بها خلقا عظيما
ودخل كثير من أهلها الجامع فقتل فيه أكثر من ثلاثة آلاف ونهبوا البلد وكانت الوقعة أواخر جمادى الآخرة وانصرف أبو عبد الله إلى قمودة فلما وصل خبر الهزيمة إلى زيادة الله هرب إلى الديار المصرية وكان من أمره ما تقدم ذكره
ولما هرب زيادة الله هرب أهل مدينة رقادة على وجوههم في الليل إلى القصر القديم وإلى القيروان
وسوسة ودخل أهل القيروان رقادة ونهبوا فيها وأخذ القوي الضعيف ونهبت قصور بني الأغلب وبقي النهب ستة أيام ووصل إبراهيم بن الأغلب إلى القيروان فقصد قصر الإمارة واجتمع إليه أهل القيروان ونادى مناديه بالأمان وتسكين الناس
وذكر لهم أحوال زيادة الله وما كان عليه حتى أفسد ملكه وصغر أمر أبي عبد الله الشيعي ووعدهم أن يقاتل عنهم ويحيمي حريمهم وبلدهم وطلب منهم المساعدة بالسمع والطاعة والأموال فقالوا إنما نحن فقهاء وعامة وتجار وما في أموالنا ما يبلغ غرضك