@ 459 @
وليس لنا بالقتال طاقة
فأمرهم بالانصراف
فلما خرجوا من عنده وأعلموا الناس بما قاله صاحوا به أخرج عنا فما لك عندنا سمع ولا طاعة وشتموه فخرج عنهم وهم يرجمونه
ولما بلغ أبا عبد الله هرب زيادة الله كان بناحية سبيبة ورحل فنزل بوادي النمل وقدم بين يديه عروبة بن يوسف
وحسن بن أبي خنزير في ألف فارس إلى رقادة فوجدوا الناس ينهبون ما بقي من الأمتعة والأثاث فأمنوهم ولم يتعرضوا لأحد
وتركوا لكل واحد ما حمله فأتى الناس إلى القيروان فأخبروه الخبر ففرح أهلها
وخرج الفقهاء ووجوه البلد إلى لقاء أبي عبد الله فلقوه وسلموا عيه وهنأوه بالفتح فرد عليهم ردا حسنا
وحدثهم وأعطاهم الأمان فأعجبهم ذلك وسرهم
وذموا زيادة الله وذكروا مساويه فقال لهم ما كان إلا قويا وله منعة ودولة شامخة وما قصر في مدافعته ولكن أمر الله لا يعاند ولا يدافع فأمسكوا عن الكلام ورجعوا إلى القيروان
ودخل رقادة يوم السبت مستهل رجب من سنة ست وتسعين ومائتين فنزل ببعض قصورها وفرق دورها على كتامة ولم يكن بقي أحد من أهلها فيها وأمر فنودي بالأمان فرجع الناس إلى أوطانهم وأخرج العمال إلى البلاد وطلب أهل الشر فقتلهم
وأمر أن يجمع ما كان لزيادة الله من الأموال والسلاح وغير ذلك
فاجتمع كثير منه وفيه كثير من الجواري لهن مقدار وحظ من الجمال فسأل عمن كان يكفلهن فذكر له إمرأة صالحة كانت لزيادة الله
فأحضرها وأحسن إليها وأمرها بحفظهن وأمر لهن بما يصلحهن ولم ينظر إلى واحدة منهن ولما حضرت الجمعة أمر الخطباء بالقيروان والرقادة فخطبوا ولم يذكروا أحدا وأمر بضرب السكة وأن لا ينقش عليها اسم ولكنه جعل مكان الإسم من وجه بلغت حجة الله ومن الوجه الآخر تفرق أعداء الله
ونفش على السلاح عدة في سبيل الله ووسم الخيل عن أفخاذها الملك لله
وأقام على ما كان عليه من لبس الدون الخشن والقليل من الطعام الغليظ