@ 461 @
ربيع الآخر من سنة سبع وتسعين ومائتين
وزال ملك بني الأغلب وملك بني مدرار الذين منهم اليسع وكان لها ثلاثون ومائة سنة منفردين بسجلماسة
وزال ملك بني رستم من تاهرت ولهم ستون ومائة سنة تفردوا بتاهرت وملك المهدي جميع ذلك
فلما قرب من رقادة تلقاه أهلها وأهل القيروان وأبو عبد الله ورؤساء كتامة مشاة بين يديه وولده خلفه فسلموا عليه فرد جميلا وأمرهم بالانصراف ونزل بقصر من قصور رقادة
وأمر يوم الجمعة بذكر اسمه في الخطبة في ابلاد وتلقب بالمهدي أمير المؤمنين
وجلس بعد الجمعة رجل يعرف بالشريف ومعه الدعاة وأحضروا الناس بالعنف والشدة ودعوهم إلى مذهبهم فمن أجاب أحسن إليه ومن أبى حبس فلم يدخل في مذهبهم إلا بعض الناس وهم قليل وقتل كثير ممن لم يوافقهم على قولهم
وعرض عليه أبو عبد الله جواري زيادة الله فاختار منهن كثيرا لنفسه ولولده أيضا وفرق ما بقي على وجوه كتامة
وقسم عليهم أعمال أفريقية ودون الدواوين وجبى الأموال واستقرت قدمه ودانت له أهل البلاد واستعمل العمال عليها جميعها فاستعمل على أرض جزيرة صقلية الحسن بن أحمد بن أبي خنزير فوصل إلى مازر عاشر ذي الحجة سنة سبع وتسعين ومائتين
فولى أخاه على جرجنت وجعل قاضيا بصقلية إسحاق بن المنهال وهو أول قاض تولى بها للمهدي العلوي وبقي ابن أبي خنزير إلى سنة ثمان وتسعين
فسار في عسكره إلى دمشق فغنم وسبى وأحرق وعاد فبقي مدة يسيرة وأساء السيرة في أهلها فثاروا به وأخذوه وحبسوه وكتبوا إلى المهدي بذلك واعتذروا فقبل عذرهم واستعمل عليهم علي بن عمر البلوي فوصل آخر ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين
$ ذكر قتل أبي عبد الله الشيعي وأخيه أبي العباس $
في سنة ثمان وتسعين ومائتين قتل أبو عبد الله الشيعي قتله المهدي عبيد الله
وسبب ذلك أن المهدي لما استقامت له البلاد ودانت له العباد وباشر الأمور بنفسه وكف يد أبي عبد الله ويد أخيه أبي العباس دخل أبا العباس الحسد وعظم عليه الفطام عن الأمر والنهي والأخذ والعطاء
فأقبل يزري على المهدي في مجلس أخيه ويتكلم فيه وأخوه ينهاه ولا يرضى فعله فلا يزيده ذلك إلا لجاجا
ثم أنه أظهر أبا عبد الله على ما في نفسه وقال له ملكت أمرا فجئت بمن أزالك عنه وكان الواجب