كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)

@ 462 @
عليه أن لا يسقط حقك ولم يزل حتى أثر في قلب أخيه فقال يوما للمهدي لو كنت تجلس في قصرم وتتركني مع كتامة آمرهم وأنهاهم لأني عارف بعاداتهم لكان أهيب لك في أعين الناس
وكان المهدي سمع شيئا مما يجري بين أبي عبد الله وأخيه فتحقق ذلك غير أنه رد ردا لطيفا
فصار أبو العباس يشير إلى المقدمين بشيء من ذلك فمن رأى منه قبولا كشف له ما في نفسه وقال ما جازاكم على ما فعلتم
وذكر لهم الأموال التي أخذها المهدي من إنكجان وقال هلا قسمها فيكم وكل ذلك يتصل بالمهدي وهو يتغافل وأبو عبد الله يداري ثم صار أبو العباس يقول إن هذا ليس الذي كنا نعتقد طاعته وندعو إليه لأن المهدي يختم بالحجة ويأتي بالآيات الباهرة
فأخذ قوله بقلوب كثير من الناس منه إنسان من كتامة يقال له شيخ المشايخ
فواجه المهدي بذلك وقال إن كنت المهدي فأظهر لنا آية فقد شككنا فيك فقتله المهدي
فخافه أبو عبد الله وعلم أن المهدي قد تغير عليه فاتفق هو وأخوه ومن معهما على الاجتماع عند أبي زاكي وعزموا على قتل المهدي واجتمع معهم قبائل كتامة إلا قليلا منهم
وكان معهم رجل يظهر أنه منهم وينقل ما يجري إلى المهدي ودخلوا عليه مرارا فلم يجسروا على قتله
فاتفق أنهم اجتمعوا ليلة عند أبي زاكي فلما أصبحوا لبس أبو عبد الله ثوبه مقلوبا ودخل على المهدي فرأى ثوبه فلم يعرفه به
ثم دخل عليه ثلاثة أيام والقميص بحاله فقال له المهدي ما هذا الأمر الذي أذهلك عن إصلاح ثوبك فهو مقلوب منه ثلاثة أيام فعلمت أنك ما نزعته
فقال ما علمت بذلك إلا ساعتي هذه
قال أين كنت البارحة والليالي قبلها فسكت أبو عبد الله فقال أليس بت في دار أبي زاكي قال بلى قال ومن الذي أخرجك من دارك قال خفت قال وهل يخاف الإنسان إلا من عدوه فعلم أن أمره ظهر للمهدي فخرج وأخبر أصحابه وخافوا وتخلفوا عن الحضور
فذكر ذلك للمهدي وعنده رجل يقال له ابن القديم كان من جملة القوم وعنده أموال كثيرة من أموال زيادة الله فقال يا مولاي إن شئت أتيتك بهم
ومضى فجاء بهم
فعلم المهدي صحة ما قيل عنه فلاطفهم وفرقهم في البلاد
وجعل أبا زاكي واليا على طرابلس وكتب إلى عاملها أن يقتله عند وصوله
فلما وصلها قتله عاملها وأرسل رأسه إلى المهدي فهرب ابن القديم فأخذ فأمر المهدي

الصفحة 462