@ 489 @
وجنى الصفواني فتبعوه إلى تل فافان فرأوها خاوية على عروشها قد قتل أهلها وأحرقها
فجدوا في اتباعه فأدركوه فقاتلوه فانهزم من بقي معه من أصحابه وأسر هو ومعه ابنه عبد الوهاب وجميع أهله وأكثر من صحبه وقبض أملاكه
وعاد مؤنس إلى بغداد على الموصل والحسين معه فأركب على جمل هو وابنه وعليهم البرانس واللبود الطوال وقمصان من شعر أحمر وحبس الحسين وابنه عند زيدان القهرمانة
وقبض المقتدر على أبي الهيجاء بن حمدان وعلى جميع اخوته وحبسوا
وكان قد هرب بعض أولاد الحسين بن حمدان فجمع جمعا ومضى نحو آمد فأوقع بهم مستحفظها وقتل ابن الحسين وأنفذ رأسه إلى بغداد
$ ذكر بناء المهدية $
في هذه السنة خرج المهدي بنفسه إلى تونس
وقرطاجنة وغيرهما يرتاد موضعا على ساحل البحر يتخذ فيه مدينة
وكان يجد في الكتب خروج أبي يزيد على دولته ومن أجله بنى المهدية فلم يجد موضعا أحسن ولا أحصن من موضع المهدية وهي جزيرة متصلة بالبر كهيئة كف متصل بزند فبناها وجعلها دار ملكه وجعل لها سورا محكما وأبوبا عظيمة وزن كل مصراع مائة قنطار وكان ابتداء بنائها يوم السبت لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثمائة
فلما ارتفع السور أمر راميا يرمي بالقوس سهما إلى ناحية المغرب فرمى سهمه فانتهى إلى موضع المصلى فقال إلى موضع هذا يصل صاجب الحمار يعني أبا يزيد الخارجي لأنه كان يركب حمارا وكان يأمر الصناع بما يعملون
ثم أمر أن ينقر دار صناعة في الجبل تسع مائتي شيني وعليها باب مغلق
ونقر في أرضها اهراء للطعام ومصانع للماء وبنى فيها القصور والدور
فلما فرغ منها قال اليوم أمنت على الفاطميات يعني بناته وارتحل عنها
ولما رأى اعجاب الناس بها وبحصانتها كان يقول هذا لساعة من نهار وكان كذلك لأن أبا يزيد وصل إلى موضع السهم ووقف فيه ساعة وعاد ولم يظفر
$ ذكر عدة حوادث $
فيها أغارت الروم على الثغور الجزرية وقصدوا حصن منصور وسبوا من فيه وجرى على الناس أمر عظيم وكانت الجنود متشاغلة بأمر الحسين بن حمدان
وفيها عاد الحجاج وقد لقوا من العطش والخوف شدة وخرج جماعة من العرب على أبي