كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 6)
@ 5 @
شيء من خلقه ) في معنى من المعاني ولا وجه من الوجوه فاعترض عليه ابن البكاء الأصغر فقال أصلحك الله إنه يقول سميع من أذن وبصير من عين فقال إسحاق لأحمد ما معنى قولك سميع بصير قال هو كما وصف نفسه قال فما معناه قال لا أدري أهو هو كما وصف نفسه
ثم دعا بهم رجلا رجلا كلهم يقول القرآن كلام الله إلا قتيبة وعبيد الله بن محمد بن الحسن وابن علية الأكبر وابن البكاء وعبد المنعم بن إدريس ابن بنت وهب بن منبه والمظفر بن مرجا ورجلا من ولد عمر بن الخطاب قاضي الرقة وابن الأحمر
فأما ابن البكاء الأكبر فإنه قال القرآن مجعول لقول الله عز وجل { إنا جعلناه قرآنا عربيا } والقرآن محدث لقوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } قال إسحاق فالمجعول مخلوق قال نعم قال والقرآن مخلوق قال لا أقول مخلوق ولكنه مجعول فكتب مقالته ومقالات القوم رجلا رجلا ووجهت إلى المأمون فأجاب المأمون يذمهم ويذكر كلا منهم ويعيبهم ويقع فيه شيء وأمره أن يحضر بشر بن الوليد وإبراهيم بن المهدي ويمتحنهما فإن أجابا وإلا فاضرب أعناقهما وأما من سواهما فإن أجاب إلى القول بخلق القرآن وإلا احملهم موثقين بالحديد إلى عسكره مع نفر يحفظونهم
فأحضرهم إسحاق وأعلمهم بما أمر به المأمون فأجاب القوم إلا أربعة نفر وهم أحمد بن حنبل وسجادة والقواريري ومحمد بن نوح المضروب فأمر بهم إسحاق فشدوا في الحديد فلما كان الغد دعاهم في الحديد فأعاد عليهم المحنة فأجابه سجادة والقواريري فأطلقهما وأصر أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهما فشدا في الحديد ووجها إلى طرسوس وكتب إلى المأمون بتأويل القوم فيما أجابوا إليه فأجابه المأمون إنني بلغني عن بشر بن الوليد بتأويل الآية التي أنزلها الله تعالى في عمار بن ياسر { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } وقد أخطأ التأويل إنما عنى الله سبحانه وتعالى بهذه الآية من كان معتقدا للإيمان مظهرا للشرك فأما من كان معتقدا للشرك مظهرا للإيمان فليس هذا له فأشخصهم جميعا إلى طرسوس ليقيموا بها
الصفحة 5
526