كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 6)

ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَخَرَّجَهُ الْمُوَفَّقُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِيمَنْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ، أَنَّهُ عَمْدٌ يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِي قَوْلِهِ: وَالْخَطَأُ كَرَمْيِ صَيْدٍ أَوْ غَرَضٍ أَوْ شَخْصٍ، وَلَوْ مَعْصُومًا، أَوْ بَهِيمَةٍ، وَلَوْ مُحْتَرَمَةً، فَيُصِيبُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا لَمْ يَقْصِدْهُ، انْتَهَى؛ أَيْ: فَلَا يُقَادُ بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ. قَدَّمَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَيْرِهِ، وَمَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ، " لَكِنَّ مَيْلَ صَاحِبِ " الْإِنْصَافِ " إلَى الْمَنْصُوصِ، وَهُوَ مَفْهُومُ " الْمُنْتَهَى ".

(وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ حَالَ صِغَرِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُودَ الْقَوَدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ، وَقَالَ: كُنْت مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ سَكْرَانُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ.

تَنْبِيهٌ: وَإِنْ قَتَلَ، وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ الْجِنَايَةِ عَاقِلًا، سَوَاءٌ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِي حَالِ جُنُونِهِ.
وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدُّ زِنًا أَوْ حَدُّ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ جُنَّ؛ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَالَ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعُ إقَامَتَهُ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ، وَالسَّكْرَانُ وَشَبَهُهُ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ، كَمَنْ يَشْرَبُ الْأَدْوِيَةَ الْمُخَبِّثَةَ، إذَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَإِذَا وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ؛ فَالْقِصَاصُ الْمُتَمَحِّضِ حَقُّ آدَمِيٍّ أَوْلَى [؛ وَلِأَنَّهُ يَقْضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ عِصْيَانُهُ] سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ

(الثَّانِي) : مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ (أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ الْحَرْبِ) مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا، فَيَبِينُ مُسْلِمًا (أَوْ) يَقْتُلُ بِ (صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا) لَمْ يَقْصِدْ، (أَوْ)

الصفحة 15