كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 6)

قلبه مرض قد يرتاب في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته أو يتوهم أن هذا من جنس أمر الملوك والرؤساء القاصدين للعلو في الأرض. ولعمري إن النبوة غاية الملك الذي يؤتيه الله من يشار وينزعه ممن يشاء، ولكن ملك النبوة هو غاية صلاح من أطاع الرسول من العباد في معاشه ومعاده.
وحقيقة الأمر أن جميع أعمال الكافر وأموره لابد فيها من خلل يمنعها أن تتم له منفعة بها، ولو فرض صلاح شيء من أموره على التمام لا يستحق بذلك ثواب الآخرة، ولكن كل أموره: إما فاسدة، وإما ناقصة فالحمد لله على نعمة الإسلام التي هي أعظم النعم وأم كل خير، كما يحب ربنا ويرضى. فقد تبين أن نفس مخالفتهم أمر مقصود للشارع في الجملة. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
ومن الأحاديث الدالة على تحريم مشابهتهم: حديث ابن عمر رضي الله عنه، المروي في الصحيحين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظه. وروى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس".
قال شيخ الإسلام رحمه الله: والسلف تارة يعللون الكراهة بالتشبه بأهل الكتاب، وتارة بالتشبه بالأعاجم. وكلا العلتين منصوص في السنة مع أن الصادق صلى الله عليه وسلم قد أخبر بوقوع المشابهة لهؤلاء وهؤلاء، كما قدمنا بيانه. انتهى.

الصفحة 238