كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)

صفحة رقم 594
هذا الاجتماع على الدين ، ولما توافقتا في المقصود في الابتداء والانتهاء ، واختصت الشورى بأن حروفها اثنان ، دل سبحانه بذلك أرباب البصائر على أنه إشارة إلى أن الدين قسمان : أصول وفروع ، دلت مريم على الأصول
77 ( ) ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون ( ) 7
[ مريم : 34 ] ، وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ،
77 ( ) هل تعلم له سميا ( ) 7
[ مريم : 65 ] والشورى على مجموع الدين أصولاً وفروعاً ) شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك ( الآية ، هذا موافقة البداية ، وأما موافقة النهاية فهو أنهما ختمتا بكلمتين : أول كل منهما آخر الأخرى وآخر كل أول الأخرى وإيذاناً بأن السورتين دائرة واحدة محيطة بالدين متصلة لا انفصام لها ، وذلك أن آخر مريم أول الشورى وآخر الشورى أو مريم ) فإنما يسرناه بلسانك ( ، الآية ) هو كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ( ) وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( ) ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ( إلى آخرها هو ) ذكر رحمة ربك عبده زكريا ( - إلى آخر القصة في الدعاء بارث الحكمة والنبوة الذي روحه الوحي والله الهادي ، وكذا تسميتها ببعضها بدلالة الجزء على الكل ) بسم الله ( الذي أحاط بضفات الكمال ، فنفذ أمره ، فاستجاب له كل شيء طوعاً أو كرهاً ) الرحمن ( الذي عمت رحمته فهيأت عباده لقبول أمره ) الرحيم ( الذي خص اولياءه بما ترتضيه الإلهية من رحمته ، فجمع كلمتهم على دينه عقداً وفعلاً ومآلاً ) حم عسق ( هذه الحروف يجوز أن تكون إشارة إلى كلمات منتظمة من كلام عظيم يشير إلى أن معنى هذا الجمع يجوز أن يقال : حكمة محمد علت وعمت فعفت سقام القلوب ، وقسمت حروفها قسمين موافقة لبقية أخواتها وبعدها آيتين ، ولم تقسم ) كهيعص ( لأنها آية واحد ولا أخت لها ولم تقسم ) المص ( مثلاً وإن كان لها أخوات لأنها آية واحدة ، ولم يعد في شيء من القرآن حرف واحد آية ، ويجوز أن يعتبر مفردة فتكون إشارة إلى أسرار تملأ الأقطار ، وتشرح الصدور والأفكار ، فإن نظرت إلى مخارجها وجدتها قد حصل الابتداء فيها بأدنى وسط الحلق بأقصاه من اللسان في اسم العين ، وهو جامع للحلق واللسان ، وقصد رابعاً إلى اللسان بالسين التي هي من أدناه إلى الشفتين وهو رأسه ولها التصاق بطوناً إلى أصل اللسان ، وهو اقصاه من الشفة بالقاف ، ولاسم هذا الحرف جمع بالابتداء بأصل اللسان مع سقف الحلق والاختام بالشفة العليا والثنيتين السفليين ، ففي هذه الحروف ثلاثة وهي أكثرها لها نظر بما فيها من الجمع إلى مقصود السورة ، وقد

الصفحة 594