كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)

صفحة رقم 6
الحائزون ن منازل القربة أعظم رتبة ) على هدى ) أي عظيم هم متمكنون منه تمكن المستعلي على الشيء ، وقال : ( من ربهم ( تذكيرا لهم بأنه لو لا إحسانه ما وصلوا ألى شيء .
ليلزموا تمزيع الجباه على الأعتاب ، خوفاً من الإعجاب ) وأولئك هم ) أي خاصة ) المفلحون ) أي الظافرون بكل مراد .
ولما كان فطم النفس عن الشهوات .
أعظم هدى قائد إلى حصول المرادات ، وكان اتباعها الشهوات أعظم قاطع عن الكمالات ، وكان في ختام الروم أن من وقف مع الموهومات عن طلب المعلومات مطبوع على قلبه ، وكان ما دعا إليه الكتاب هو الحكمة التي نتيجتها الفوز ، وما دعا إليه اللهو هو السفه المضاد للحكمة ، بوضع الأشياء في غير مواضعها ، المثمر للعطب ، قال تعالى معجباً ممن يترك الجد إلى اللهو ، ويعدل عن جوهر العلم إلى صدق السهو ، عاطفاً على ما تقديره : فمن الناس من يتحلى بهذا الحال فيرقى إلى حلبة أهل الكمال : ( ومن ( ويمكن أن يكون حالاً من فاعل الإشارة .
أي أشير إلى آيات الكتاب الحكيم حال كونه هدى لمن ذكر والحال أن من ) الناس ( الذين هم في أدنى رتبة الإحساس ، لم يصلوا إلى رتبة أهل الإيمان ، فضلاً عن مقام أولي الإحسان .
ولما كان التقدير : من يسير بغير هذا السير ، فيقطع نفسه عن كل خير ، عبر عنه بقوله : ( من يشتري ) أي غير مهتد بالكتاب ولا مرحوم به ) لهو الحديث ) أي ما يلهي من الأشياء المتجددة التي تستلذ فيقطع بها الزمان من الغناء والمضحكات وكل شيء لا اعتبار فيه ، فيوصل النفس بما أوصلها إليه من اللذة إلى مجرد الطبع البهيمي فيدعوها إلى العبث من اللعب كالرقص ونحوه مجتهداً في ذلك معملاً الخيل في تحصيله باشتراء سببه ، معرضاً عن اقتناص العلوم وتهذيب النفس بها عن العموم والغموم ، فينزل إلى أسفل سافلين كما علا الذي قبله بالحكمة إلى أعلى عليين - قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً ، وقال مجاهد : في شرى القيان والمغنين والمغنيات ، وقال ابن مسعود : اللهو الغناء ، وكذا قال ابن عباس وغيره .
ولما كان من المعلوم أن عاقبة هذه الملاهي الضلال ، بانهماك النفس في ذلك ، لمل طبعت عليه من الشهوة لمطلق البطالة ، فكيف مع ما يثير ذلك ويدعو إليه من اللذاذة ،

الصفحة 6