كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)
صفحة رقم 607
لي الجنة والنار ) انتهى .
في القاموس : المثل - بالكسر والتحريك وكأمر : المشبه ، والمثل محركة : الحجة والحديث والصفة ، والمثيل : المقدار والقصاص وصفة الشيء والفراش ، جمعه أمثلة ومثل ، والتمثال - بالكسر : الصورة ومثل قائماً : قام منتصباً كمثل بلاضم مثولاً - انتهى .
وفي شمس العلوم : والعرب تقيم المثل مقام النفس فتقول : مثلي لا يقول هذا أي أنل انتهى .
فقد بان أن المثل بالإسكان والتحريك واحد ، وأنه في الأصل عبارة عن نفس الشيء وصورته ، ثم شاع فيما يشابهه ، فمعنى مثل أي انتصب تشكل وتصور فكانت له صورة وشكل لأن بالانتصاب تتحقق صورته وتظهر ، وكذا مثل بمعنى لصق الأرض وإن كان ظهوره بالقيام أوضح ، وكذا مثل بمعنى لصق الأرض وإن كان ظهوره بالقيام أوضح ، وكذا مثل إذا زال عن مكانه لأنه حصل الانتصاب أو اللصوق ، وزاد الانتقال ، ويوضح ذلك قولهم : مثله له - إذا صوره حتى كأنه ينظر إليه ، فعلم قطعاً أن معنى الآية ما قلته ، وأنه لو قيل ) ليس كمثله شيء ( ، من غير كاف ، لربما قال بعض أهل التعنت : هذا معناه أنه ليس شيئاً ، لأنا قد علمنا أن المثل هو الشيء ، وقد كانوا يتعنتون بدون هذا ، لأنه يؤدي إلى محالين هما في غاية الضمور يحاشى عن أحدهما فكيف إذا اجتمعا من له أدنى حكمة فكيف بأحكم الحكماء ، أحدهما أن له مثلاً ، والثاني أن مثله لا مثل له مع الحكم بأنه مثله ، وذلك تناقض ظاهر يتعالى الله عن إرادة مثله علواً كبيراً - والله الموفق .
ولما كان قد أبطن نفسه سبحانه بهذا التنزيه إبطاناً عظيماً ، وكان هذا الإعراق في البطون لا تحتمله العقول ، فلا يؤمن عليها النزوع إلى التعطيل ، قربه بنوع ظهور بذكر ما نعقله من الأوصاف بعد الأمن من التشبيه لمن يأمل الكلام ، وحكم العقل وطرد الوهم ، فأتى بأوضح ما نحسه من أوصافنا .
واظهره مع استلزامه لبقية الصفات فقال : ( وهو ) أي والحال أنه لا غيره ) السميع البصير ) أي الكامل في السمع والبصر والعلم من البصر والبصيرة ، ومن المقطوع به أن ذلك لا يكون على وجه الخصوص إلا بالوحدانية والحياة والقدرة والإرادة والكلام ، فاستوفت هذه الآية ما لوح إليه العاطف فيب قوله ( وما اختلفتم ) بعد ما صرح به ، فالله هو الولي من أصول الدين بالصفات السبع على أتم وجه - والله الموفق ، قال الحرالي : السمع إدراك ألطف المثلين وهو الاسم ، والصر إدراك أظهر المثلين وهو الصورة ، وبالحق سبحانه بدأ كل مثل لطيف فهو السميع بالحقيقة أن