كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)
صفحة رقم 612
بتأخيرهم إلى آجالهم .
ولما كان إمهالهم والرفق بهم رحمة لهم ، بين أن ذلك إنما هو لأجل خير الخلق ليكونوا أتباعاً فيزدادوا لذلك شرفاً ، وأفرده بالذكر تنبيهاً على ذلك فقال مؤنساً له ( صلى الله عليه وسلم ) بلفت الكلام إلى صفة الإحسان إرضاء له بما يرجوه في امته ، وزاد 1 لك بالإضافة إلى ضميره فأفهم أن إحسانه إليهم إحسان يليق بمقامه ، ويلتئم بمراده الشريف ومرامه : ( من ربك ) أي المحسن إليك بجعلك خير الخلائق وإمامهم ، سبقت الكلمة بإمهالهم ) إلى أجل مسمى ( ضربه لآجالهم ثم لجمعهم في الآخرة ) لقضي ( على أيسر وجه وأسهله ) بينهم ( حين الافتراق بإهلاك الظالم وإنجاء المحق .
ولما أخبر عن حال المتقدمين ، وكان من في زمانه صلى الله عليه ولم من أهل الكتاب يدعون غاية العلمل بها والاجتماع عليها ، وهي كلها إلى المبادرة إلى إرث هذا الكتاب الخاتم الجامع ، وكان بعضهم يتلبس بالتنسك والإعراض عن الدنيا وغير ذلك مما يقتضي أنه على بصيرة من أمره ، وإنكار أن يكون عنده نوع شك ، قال على وجه يعم غيرهم ، مؤكداً تنبيهاً على ذلك : ( وإن الذين ( ولما كان المراد الوصول إلى الكتاب من غير منازع ، ولم تدع حاجة إلى العلم بالموصل ، بني للمفعول قوله : ( أورثوا الكتاب ) أي الكامل الخاتم ، وهم هذه الأمة بما نسخ كتابهم ما تقدمه كان غيرهم كأنه مات ، فورثوا كما قال تعالى ) ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) [ فاطر : 32 ] فكان حالهم في تمكنهم من التصرف في الكتاب بالحفظ والفهم وعدم المنازع في ادعائه حال الوارث والموروث منه فقال : ( من بعدهم ) أي المتفرقين ، وأثبت الجار لعدم استغراق الزمان ) لفي شك منه ) أي إيراث للكتاب المقتضي للاجتماع لا للتفرق لما فيه من الخير ، وذلك لعملهم عمل الشاك فيقولون : إنه سحر وشعر وكهانة ، ونحو ذلك ، وأن الآتي به غير صادق بعد اطلاعهم على ما اتى به من المعجزات وبعد معرفتهم به ، أما العرب ومن ساكنهم من أهل الكتاب فبإعجازه مع ما في أهل الكتاب من البشارة به ، وأما غير من ساكنهم فبدعوة كتابهم ) مريب ) أي موقع في التهمة الموقعة في كتابنا ، ويجوز أن يكون الضمير لأهل الكتاب خاصة والكتاب كتابهم ، وشكهم فيه عملهم بغير ما دعاهم إليه من اتباع كتابنا باتباع نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) .
ولما ثبت بهذا زيغهم عن اوأمر الكتاب الآتي من الله ، سبب عنه أمره ( صلى الله عليه وسلم ) بإبلاغ الناس ما ينفعهم عن رسالة ربه الذي أنزل تلك الكتب في آية واحد مفصلة بعشر كلمات في كل كلمة منها حكم برأسه ، قالوا : ولا نظير لها إلا آية الكرسي فإنها عشرة أصول كل أصل منها مستقل برأسه فقال مسبباً عن حالهم الاجتهاد في إزالتها والعمل