كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)
صفحة رقم 624
دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة ، فقال له علي : أقرأت القرآن ؟ قال : نعم قال : ما قرأت ) قلا لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ( قال : وإنكم لأنتم هم ، قال : نعم .
وعن العباس رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إن قريشاً إذا لقي بعضهم بعضاً لقوهم ببشر حسن وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها ، فغضب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) غضباَ شديداً وقال : ( والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله ) ، وعنه أنه دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث ، فإذا رأونا سكتوا ، فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ودر عرق بين عينيه ، ثم قال : ( والله لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي ) وعبر في المنقطع بأداة الاستثناء إعراقاً في النفي بالإعلام بأنه لا يستثني أجر اصلاً إلا هذه المودة إن قدر أحد أنها تكون أجراً ، ويجوز أن تكون ( إلا ) بمعنى ( غير ) فيكون من باب :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
فمن كان بينه وبين أحد من المسلمين قرابة فهو مسؤول أمن يراقب الله في قرابته تلك ، فيصل صاحبها بكل ما تصل قدرته إليه من جميع ما أمره الله به من ثواب أو عقاب ، فكيف بقرابة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فانه قال ( صلى الله عليه وسلم ) فيما رواه الطبراني وأبو نعيم في الحيلة عن أبي ذر رضي الله عنه : ( مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ) وقال فيما رواه في الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أصحابي بمنزلة النجوم في السماء بأيهم اقتديتم اهتديتم ) .
قال الأصبهاني : ونحن الآن في بحر التكليف محتاجون إلى السفينة الصحيحة والنجوم الزارهة ، فالسفينة حب الآل ، والنجوم حب الصحب ، فنرجو من الله السلامة والسعادة بحبهم في الدنيا والآخرة - والله أعلم .