كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 6)

صفحة رقم 646
) فما له ( بسبب إظلال له جميع صفات الجلال والإكرام ، وأعرق في النفي بقوله : ( من سبيل ) أي تنجية من الضلال ولا مما تسبب عنه من العذب .
ولما كان هذا ، أنتج قطعاً قوله : ( استجيبوا ) أي اطلبوا الإجابة وأوجدوها ، ولفت القول إلى الوصف الإحساني تذكيراً بما يحث على الوفاق ، ويخجل من الخلاف والشقاق ، فقال : ( لربكم ( الذي لم تروا إحساناً إلا وهو منه فيما دعاكم إليه برسوله ( صلى الله عليه وسلم ) من الوفاء بعهده في أمره ونهيه ، ولا تكونوا ممن ترك ذلك فتكونوا ممن علم أنه أضله فانسد عليه السبيل .
ولما كان الخوف من الفوت موجباً للمبادرة ، قال مشيراً بالجار إلى أنه يتعد بأدنى خير يكون في أدنى زمن يتصل بالموت : ( من قبل أن يأتي يوم ) أي يكون فيه ما لا يمكن معه فلاح ؛ ثم وصفه بقوله لافتاً إلى الاسم الأعظم الجامع لأوصاف الإحسان والإنعام على المطعين والقهر والانتقام من العاصين : ( لا مرد ) أي لا رد ولا موضع رد ولا زمان رد ) له ( كائن ) من الله ) أي الذي له جميع العظمة وإذا لم يكن له مرد منه لم يكن مرد من غيره ، ومتى ذاك أنتج قوله : ( ما لكم ( وأعرق في النفي بقوله : ( من ملجأ يومئذ ) أي مكان تلجؤون إليه في ذلك اليوم وحصن تتحصنون فيه من شيء تكرهونه ، وزاد في التأكيد بإعادة النافي وما في حيزه إبلاغاً في التحذير فقال : ( وما لكم من نكير ) أي من إنكار يمكنكم به من النجاة لأن الحفظة يشهدون عليكم فإن صدقتموهم وإلا شهدت عليكم أعضاؤكم وجلودكم ، ولا لكم من أحد ينكر شيئاً مما تتجاوزون به ليخلصكم منه .
ولما أنهى ما قدمه في قوله ) شرع لكم من الدين ( نهايته ، ودل عليه وعلى كل ما قادته الحكمة في حيزه حتى لم يبق لأحد شبهة في شيء من الأشياء ، كان ذلك سبباً لتهديدهم على الإعراض عنه وتسلية رسولهم ( صلى الله عليه وسلم ) فقال معرضاً عن خطابهم إيذاناً بشديد الغضب : ( فإن أعرضوا ) أي عن إجابة هذا الدعاء الذي وجبت إجابته والشرع الذي وضحت وصحت طريقته بنا تأيد به من الحجج ، ولفت القول إلى مظهر العظمة دفعاً لما قد يوهم الإرسال من الحاجة فقال : ( فما أرسلناك ( مع ما لنا من العظمة ) عليهم حفيظاً ) أي نقهرهم على امتثال ما أرسلناك به .
ولما كان التقدير .
فأعرض عن غير إبلاغهم لأنا إنما أرسلناك مبلغاً ، وضع موضعه : ( إن ) أي ما ) عليك إلا البلاغ ( لما أرسلناك به ، وأما الهداية والإضلال فإلينا .
ولنا ضمن لهذه الآية ما أرسله له ، أتبعه ما جبل عليه الإنسان بياناً لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) لا

الصفحة 646