كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

وَأَصدَقُكُم رُؤيَا أَصدَقُكُم حَدِيثًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيه، فلا يكون في المنام أضغاث الأحلام، فإنَّ من موجبات التخليط فيها غلبة بعض الأخلاط على صاحبها.
وثانيهما: أن المراد بذلك: آخر الزمان المقارب للقيامة. وقد روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من طريق معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: في آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن (¬1).
قلت: ويعني - والله أعلم - بآخر الزمان المذكور في هذا الحديث: زمان الطائفة الباقية مع عيسى ـ عليه السلام ـ بعد قتله الدجال المذكور في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه: فيبعث الله عيسى ابن مريم، ثم يمكث في الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام فلا تبقي على وجه الأرض أحدًا في قلبه مثقال ذرّة من خير أو إيمان إلا قبضته (¬2)، فكان أهل هذا الزمان أحسن هذه الأمَّة بعد الصدر المتقدِّم حالًا، وأصدقهم أقوالًا، وكانت رؤياهم لا تكذب، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا (¬3)، وكما قال: رؤيا الرجل الصالح جزء من النبوة (¬4).
وقوله: لم تكد تكذب، أي: لم تقارب الكذب، وقد تكلَّمنا على كاد وأخواتها من أفعال المقاربة فيما تقدَّم.
وقوله: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، إنما كان ذلك لأن: من كثر صدقه تنوِّر قلبه، وقوي إدراكه، فانتقشت فيه المعاني على وجه الصِّحة
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 269)، والترمذي (2291).
(¬2) رواه أحمد (2/ 166)، ومسلم (2940).
(¬3) تقدم في التلخيص برقم (2883).
(¬4) هو في التلخيص برقم (2885) بلفظ: "رؤيا الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة".

الصفحة 11