كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

رواه أحمد (6/ 162)، والبخاريّ (3560)، ومسلم (2327) (77)، وأبو داود (4785).
[2239] وعنها قَالَت: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ شَيئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَن يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
رواه أحمد (6/ 229)، ومسلم (2328) (79)، وأبو داود (4786).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الله تعالى، وما عدلت منذ اليوم! وكصفحه عن الذي جبذ رداءه عليه حتى شقَّه، وأثر في عنقه. فإنَّ قيل: فأذاه انتهاك حرمة من حرم الله، فكيف يترك الانتقام لله تعالى فيها؟ وكيف وقد قال الله تعالى: {يُؤذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} فالجواب: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترك الانتقام مِمَّن آذاه استئلافًا وتركًا لما ينفِّر عن الدخول في دينه، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لئلا يتحدث الناس أن محمَّدًا يقتل أصحابه (¬1). وقد قال مالك: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعفو عمَّن شتمه، مشيرًا إلى ما ذكرنا. وإذا تقرر هذا فمراد عائشة رضي الله عنها بقولها: إلا أن تنتهك حرمة الله: الحرمة التي لا ترجع لحق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، كحرمة الله، وحرمة محارمه، فإنَّه كان يقيم حدود الله على من انتهك شيئًا منها، ولا يعفو عنها، كما قال في حديث السَّارقة: لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها (¬2)، لكن ينبغي أن يفهم: أن صفحه عمَّن آذاه كان مخصوصًا به وبزمانه لما ذكرناه، وأما بعد ذلك فلا يُعفى عنه بوجه.
قال القاضي عياض رحمه الله: أجمع العلماء على أن من سبَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفر. واختلفوا، هل حكمه حكم المرتد يُستتاب؟ أو حكم الزنديق لا يُستتاب؟ وهل قتله للكفر أو للحدِّ؟ فجمهورهم: على أن حكمه حكم الزنديق، لا تقبل
¬__________
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688) (8)، وأبو داود (4373)، والترمذي (1430)، والنسائي (8/ 73 - 74)، وابن ماجه (2547).

الصفحة 119