كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)
وَالعَاقِبُ الَّذِي لَيسَ بَعدَهُ نَبِيٌّ.
وفي رواية: الذي يحشر الناس على قدمي، وقد سماه الله رءوفا رحيما.
رواه أحمد (4/ 80)، والبخاري (3532)، ومسلم (2354) (124 و 125)، والترمذيُّ (2840).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فاعل من حشر، أي: جمع. فيعني به: أنه الذي يحشر الخلق يوم القيامة على أثره، أي: ليس بينه وبين القيامة نبي آخر، ولا أمة أخرى، وهذا كما قال: بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى (¬1).
وقوله في الرواية الأخرى: على قدمي قيل فيه: على سابقتي، كما قال تعالى: {أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم} أي: سابقة خير وإكرام. وقيل: على سُنَّتي. وقيل: بعدي، أي: يتبعوني إلى يوم القيامة. وهذا أشبهها، لأنَّه يكون معناه معنى عقبي، لأنَّه وقع موقعه في تلك الرواية، ووجه توسعه فيه: كأنه قال: يحشر الناس على أثر قدمي، أي: بعدي. والله أعلم.
و(قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وأنا العاقب) وفي الرواية الأخرى: المقفي ومعناهما واحد، وهو أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ آخر الأنبياء، وخاتمهم، وأكرم أعقابهم، وأفضل من قبلهم. وقفاهم، أي: كان بعدهم، واتبع آثارهم. قال ابن الأنباري: المقفي: المتَّبع للنبيين قبله، يقال: قَفَوتُه، أَقفُوه، وقَفَيتُه: إذا تبعته، ومثله: قُفتُه، أقُوفُه، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّينَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّينَا بِعِيسَى ابنِ مَريَمَ}، {وَلا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ} وقافية كل شيء: آخره.
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6505)، وابن ماجه (4040) من حديث أبي هريرة.