كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رؤيا ليلة القدر (¬1). وكل ذلك بناءً على أنها وحي صحيح. وإذا تقرَّر هذا فلا يضرنا الاضطراب [الذي وقع في عدد تلك الأجزاء مع حصول المقصود من الخير، غير أن علماءنا قد راموا إزالة ذلك الاضطراب] (¬2)، وتأوَّلوه تأويلات، فلنذكرها، وننبه على الأقرب منها، وهي أربع:
الأول: ما صار إليه أبو عبد الله. وقد ذكرناه، وما ورد عليه.
الثاني: أن المراد بهذا الحديث: أن المنام الصادق خصَّلة من خصال النبوة. كما جاء في الحديث الآخر: التؤدة، والاقتصاد، وحسن السمت جزء من ستة وعشرين جزءًا من النبوة (¬3)، أي: النبوة مجموع خصال مبلغ أجزائها ستة وعشرون، هذه الثلاثة الأشياء جزء واحدٌ منها، وعلى مقتضى هذه التجزئة: كل جزء من الستة والعشرين ثلاثة أشياء في نفسه، فإذا ضربنا ثلاثة في ستة وعشرين صحَّ لنا أن عدد خصال النبوة من حيث آحادها ثمانية وسبعون. ويصحُّ أن يسمَّى كل اثنين من الثمانية والسبعين جزءًا وخصلة، فيكون جميعها بهذا الاعتبار تسعة وثلاثين جزءًا، ويصحُّ أن يسمَّى كل أربعة منها جزءًا، فيكون مجموع أجزائها بهذا الاعتبار تسعة عشر جزءًا ونصف جزء، فتختلف أسماء العدد المجزَّأ بحسب اختلاف اعتبار الأجزاء، وعلى هذا: فلا يكون اختلاف أعداد أجزاء النبوَّة في أحاديث الرؤيا المذكورة اضطرابًا، وإنَّما هو اختلاف اعتبار مقادير تلك الأجزاء المذكورة. والله تعالى أعلم.
الثالث: ما أشار إليه الطبري، وهو: أن هذا الاختلاف راجعٌ إلى اختلاف حال الرائي. فالمؤمن الصَّالح تكون نسبة رؤياه من ستة وأربعين، وغيرُ الصالح من
¬__________
(¬1) انظر: صحيح مسلم (1165) (205).
(¬2) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(¬3) ذكره ابن حجر في فتح الباري (12/ 368).

الصفحة 15