كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

رواه أحمد (4/ 4 - 5)، والبخاريُّ (2359)، ومسلم (2357)، وأبو داود (3637)، والترمذيُّ (1363)، والنسائي (8/ 245)، وابن ماجه (15 و 2480).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: نزلت في رجلين تحاكما إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحكم على أحدهما فقال له (¬1): ارفعني إلى عمر بن الخطاب، وقيل: إلى أبي بكر، وقيل: حكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليهودي على منافق، فلم يرض المنافق، وأتيا عمر بن الخطاب فأخبراه، فقال: أمهلاني حتى أدخل بيتي، فدخل بيته فأخرج السيف، فقتل المنافق، وجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إنه ردَّ حكمك، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فرَّقت بين الحق والباطل (¬2). وقال مجاهد نحوه، غير أنه قال: إن المنافق طلب أن يردَّ إلى حكم الكاهن، ولم يذكر قضية قتل عمر بن الخطاب المنافق، وقال الطبري: لا ينكر أن تكون الآية نزلت في الجميع، والله تعالى أعلم.
وفي هذا الحديث أبواب من الفقه، فمنها: الاكتفاء من الخصوم بما يفهم عنه مقصودهم، وألا يكلَّفوا النص على الدعاوي، ولا تحديد المدعى فيه، ولا حصره بجميع صفاته، كما قد تنطَّع في ذلك قضاة الشافعية.
ومنها: إرشاد الحاكم إلى الإصلاح بين الخصوم، فإنَّ اصطلحوا، وإلا استوفي لذي الحق حقه، وبتَّ الحكم.
ومنها: أن الأولى بالماء الجاري: الأول فالأول حتى يستوفي حاجته. وهذا ما لم يكن أصله ملكًا للأسفل مختصًا به، فليس للأعلى أن يشرب منه شيئًا، وإن كان يمرُّ عليه.
ومنها: عن جفاء الخصوم ما لم يؤد إلى هتك حرمة الشرع، والاستهانة بالأحكام، فإنَّ كان ذلك فالأدب، وهذا الذي صدر من خصم
¬__________
(¬1) ورد في (ز) و (م 3): (له الآخر) ولا نرى مبررًا لوجود كلمة (الآخر) لأنَّ المعترض هو الذي حكم عليه، وليس الآخر.
(¬2) رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه، كما في (الدر المنثور 2/ 585)، وذكر السيوطي رواية أخرى رواها الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول".

الصفحة 156