كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

وفي رواية: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَولَى وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَد عُرِضَت عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرضِ هَذَا الحَائِطِ.
وفي أخرى: فَنَزَلَت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسأَلُوا عَن أَشيَاءَ إِن تُبدَ لَكُم}
رواه أحمد (3/ 162)، والبخاري (92)، ومسلم (2359) (136 و 137).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على مقتضى ظاهر هذا الحديث، وأما على مقتضى ظاهر أحاديث الكسوف فيكون رآهما حقيقة، ومد يده ليأخذ قطفًا من الجنة، ورأى النار وتأخر مخافة أن يصيبه لفحها، ورأى فيها فلانًا وفلانة. وبمجموع الحديثين تحصل أن الله تعالى أطلع نبيَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الجنة والنار مرتين:
إحداهما: في صلاة الكسوف إطلاع رؤية كما فصلناه في الكسوف.
وثانيهما: هذه الإطلاعة، وكانت في صلاة الظهر، كما قد جاء في بعض طرق حديث أنس: أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج إليهم بعدما زاغت الشمس، فصلَّى بهم الظهر، ثم قام فخطب (¬1)، وذكر نحو ما تقدَّم. وقد نصَّ عليه البخاري كما نقلته عنه آنفا.
وعُرض الشيء - بالضم-: جانبه، وصفحه. والعَرض -بالفتح -: خلاف الطول.
و(قوله: أولى) هي كلمة تهديد ووعيد، وإذا كررت كان التهديد أعظم، كما قال تعالى: {أَولَى لَكَ فَأَولَى} وهذا المقام الذي قامه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مقامًا هائلًا مخوفًا، ولذلك قال أنس في بعض الطرق الواقعة في الأم (¬2): بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أصحابه شيء، فخطب فقال: عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا.
¬__________
(¬1) ذكرها مسلم برقم (2359، 1361)، وأصل الحديث في التلخيص برقم (2976).
(¬2) انظر صحيح مسلم رقم (2359) (134).

الصفحة 164