كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

(27) باب كيف كان يأتيه الوحي؟
[2274] عَن عَائِشَةَ أَنَّ الحَارِثَ بنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَيفَ يَأتِيكَ الوَحيُ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(27) ومن باب كيف كان يأتيه الوحي
قد تقدَّم الكلام على الوحي لغة.
و(قوله: كيف يأتيك الوحي؟ سؤال عن كيفية تلقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الوحي عن الملَك، والمراد بالوحي هنا: ما يُلقى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من القرآن والأحكام، فأجاب ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن ذلك يأتيه على حالتين:
إحداهما: أن يسمع صوتًا شديدًا متتابعًا يشبه صلصلة الجرس، وهو الناقوس، أو شبهه، وهو الذي تعلقه العرب في أعناق الإبل لصوته، وقال بعض العلماء: وعلى هذا النحو تتلقى الملائكة الوحي عن الله تعالى، كما جاء في الحديث الصحيح: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة الأرض (¬1) بأجنحتها خَضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان (¬2).
قلت: والذي عندي في هذا الحديث: أن هذا تشبيه لأصوات خفق أجنحة الملائكة، فيعني: أنها متتابعة متلاحقة، لا أن الله تعالى يتكلم بصوت، فإنَّ كلامه تعالى ليس بحرف، ولا صوت، كما هو مبرهن عليه في موضعه، فإنَّ أراد هذا القائل: أن كلام الله تعالى القائم به صوت يُسمع بحاسة الأذن، فهو غلط فاحش، وما هذا اعتقاد أهل الحق، وإن أراد: أن الملائكة تسمع كلام ملك آخر يبلغهم عن
¬__________
(¬1) من (م 3).
(¬2) رواه البخاري (4701)، وأبو داود (3989)، والترمذي (3223)، وابن ماجه (194).

الصفحة 171