كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الأَنبِيَاءُ إِخوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُم شَتَّى، وَدِينُهُم وَاحِدٌ ولَيسَ بَينَنَا نَبِيٌّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: في الأولى والآخرة) أي: في الدنيا وفي الدار الآخرة.
و(قوله: كيف يا رسول الله؟ سؤال عن وجه الأولوية. فقال في الجواب: الأنبياء إخوة من عَلاَّت، أُمَّهاتهم شتى، ودينهم واحد، وليس بيني وبينه نبي (¬1). وفي لفظ آخر: أولاد عَلاَّت (¬2). وفي الصحاح: بنو العلاَّت: هم أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لأن الذي يتزوجها على أولى كانت قبلها، ثم علَّ من هذه، والعَلَلُ: الشرب الثاني. يقال: عَلَلٌ بعد نهلٍ، وعله يعله: إذا سقاه السَّقية الثانية، وقال غيره: سُمُّوا بذلك لأنهم أولاد ضرائر، والعلاَّت الضرائر. وشتَّى: مختلفون، ومنه قوله تعالى: {تَحسَبُهُم جَمِيعًا وَقُلُوبُهُم شَتَّى}
قال القاضي أبو الفضل عياض: معناه أن الأنبياء مختلفون في أزمانهم، وبعضهم بعيد الوقت من بعض، فهم أولاد علاَّت، إذ لم يجمعهم زمان واحد، كما لم يجمع أولاد العلاَّت بطن واحد، وعيسى ـ عليه السلام ـ لما كان قريب الزمان منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولم يكن بينهما نبي، كانا كأنهما في زمان واحد، فكانا بخلاف غيرهما.
قلت: هذا أشبه ما قيل في هذا الحديث، ويستفاد منه: إبطال قول من قال: إنه كان بعد عيسى أنبياء ورسل، فقد قال بعض الناس: إن الحواريين كانوا أنبياء، وأنهم أرسلوا إلى الناس بعد عيسى، وهو قول أكثر النصارى، كما ذكرناه في كتاب الإعلام.
و(قوله: ودينهم واحد) أي: في (¬3) توحيدهم، وأصول أديانهم، وطاعتهم
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6735)، ومسلم (1615)، وأبو داود (2898)، والترمذي (2099).
(¬2) هذه الرواية ليست في التلخيص، وإنما هي في صحيح مسلم برقم (2365) (143).
(¬3) ليست في (ز) و (ع) و (م 3).

الصفحة 176