كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

يَومَ القِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَن يَنشَقُّ عَنهُ القَبرُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جُمِعُوا، وسيِّدهم إذا ذُكِروا، فاقتبس من الخبر عيونه، فبيده لواء الحمد، تحته آدمُ فمن دون، ويكفيك أُثرَةً وكرامة: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة. والسيد: اسم فاعل، من ساد قومه، إذا تقدَّمهم بما فيه من خصال الكمال، وبما يوليهم من الإحسان والإفضال، وأصله: سَيوِد، لأنَّ: ألف ساد منقلبة عن واو، بدليل: أن مضارعه يسود، فقلبوا الواو ياء، وأدغموها في الياء، فقالوا: سيِّد. وهذا كما فعلوا في: ميِّت. وقد تبين للعقل والعيان ما به كان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيد نوع الإنسان.
وقد ثبت بصحيح الأخبار ما له من السؤدد في تلك الدار، فمنها أنه قال: أنا سيد ولد آدم. قال: وتدرون بم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد (¬1)، وذكر حديث الشفاعة المتقدم. ومضمونه: أن الناس كلهم إذا جمعهم موقف القيامة، وطال عليهم، وعظم كربهم طلبوا من يشفع لهم إلى الله تعالى في إراحتهم من موقفهم، فيبدءون بآدم عليه السلام، فيسألونه الشفاعة، فيقول: نفسي، نفسي، لست لها، وهكذا يقول من سُئِلها من الأنبياء، حتى ينتهي الأمر إلى سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول: أنا لها، فيقوم في أرفع مقام، ويخصُّ بما لا يُحصى من المعارف والإلهام، وينادى بألطف خطاب وأعظم إكرام: يا محمد! قل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. وهذا مقام لم ينله أحدٌ من الأنام (¬2)، ولا سمع بمثله لأحد من الملائكة الكرام، فنسأل الله تعالى باسمه العظيم، وبوجهه الكريم أن يحيينا على شريعته، ويميتنا على ملته، ويحشرنا في زمرته، ولا يجعلنا ممن ذيد (¬3) عنه، وبُعِّدَ منه.
و(قوله: أنا أوَّل من ينشق عنه القبر) يعني: أنه أول من يعجل إحياؤه
¬__________
(¬1) رواه مسلم (194).
(¬2) في (ز) و (م 3): الأنبياء.
(¬3) أي: طُرِد.

الصفحة 48