كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

يَا مُحَمَّدُ - أَخبِرنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِن الجَنَّةِ وَمَا يُبَاعِدُنِي مِن النَّارِ! قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: لَقَد وُفِّقَ - أَو لَقَد هُدِيَ - قَالَ: كَيفَ قُلتَ؟ قَالَ: فَأَعَادَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: تَعبُدُ اللَّهَ لَا تُشرِكُ بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ. دَع النَّاقَةَ.
وفي رواية: وتصل ذا رحمك فلما أدبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تمسك بما أمر به دخل الجنة.
رواه أحمد (5/ 417)، والبخاريُّ (5983)، ومسلم (13) في الإيمان (12 و 14)، والنسائيُّ (1/ 234).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: فكف ثم نظر في أصحابه ثم قال: لقد وفق، أو لقد هدي) يعني: أنه كف الناقة عن سيرها، ونظر إلى أصحابه مستحسنا لهذا السؤال، ومستحضرا لأفهام أصحابه، ومنوها بالسائل، ثم شهد له بالتوفيق والهداية لما ينبغي أن يسأل عنه، لأنَّ مثل هذا السؤال لا يصدر إلا عن قلب منور بالعلم بالله تعالى، وبما يقرب إليه، عازم على العمل بما يفنى به، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بما يتعين عليه في تلك الحال، فقال: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، أي: توحده في إلهيته، وتخلص له في عبادته. وتقيم الصلاة، أي: تفعلها على أوقاتها وبأحكامها. وتؤتي الزكاة: أي تعطيها من استحقها على شروطها. وتصل رحمك، أي: تفعل في حقهم ما يكون صلة لهم، وتجتنب ما يكون قطعا لهم على ما بيناه. ولم يذكر له النبي صلى الله عليه وسلم الصوم ولا الحج ولا الجهاد، لأنَّه لم يكن تعين عليه في تلك الحال شيء سوى ما ذكر له، أو لأن بعض تلك العبادات لم تكن فرضت بعد. والله تعالى أعلم.
و(قوله: إن تمسك بما أمرته دخل الجنة) يدلّ على: أن دخول الجنة لا بد فيه من الأعمال، كما قال تعالى: {وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثتُمُوهَا بِمَا كُنتُم

الصفحة 530