كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

[2475] وعنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَريَةٍ أُخرَى، فَأَرصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيهِ قَالَ: أَينَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ القَريَةِ، قَالَ: هَل لَكَ عَلَيهِ مِن نِعمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيرَ أَنِّي أَحبَبتُهُ فِي اللَّهِ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَد أَحَبَّكَ كَمَا أَحبَبتَهُ فِيهِ.
رواه أحمد (2/ 292)، ومسلم (2567) (38).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عيسى بن دينار: إن معناه: يكنهم من المكاره، ويجعلهم في كنفه وستره، كما يقول: أنا في ظلك. أي: في ذراك وسترك.
و(قوله: فأرصد الله على مدرجته) أي: جعل الله ملكا على طريقه يرصده، أي: يرتقبه، وينتظره ليبشره. والمرصد: موضع الرصد. و (المدرجة) بفتح الميم: موضع الدرج، وهو المشي.
و(قوله: هل لك عليه من نعمة تربها؟ ) أي: تقوم بها وتصلحها، فتتعاهده بسببها؟ (فقال: لا، غير أني أحببته في الله) أي: لم أزره لغرض من أغراض الدنيا، ثمَّ أخبر بأنه إنما زاره من أجل أنه أحبه في الله تعالى (¬1). فبشره الملك بأن الله تعالى قد أحبه بسبب ذلك. وقد تقدَّم القول في محبة الله تعالى للعبد، وأن ذلك راجع إلى إكرامه إياه، وبره به. ومحبة الله للطاعة: قبولها، وثوابه عليها.
وفي هذه الأحاديث ما يدلّ: على أن الحب في الله والتزاور فيه من أفضل الأعمال، وأعظم القرب إذا تجرد ذلك عن أغراض الدنيا وأهواء النفوس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان (¬2).
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين سقط من (م 4).
(¬2) رواه أحمد (3/ 438 و 440)، وأبو داود (4681).

الصفحة 543