كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ آنِفًا؟ قَالَ: إِنِّي لَأَعلَمُ كَلِمَةً لَو قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِن الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَمَجنُونًا تَرَانِي؟ ! .
رواه أحمد (6/ 394)، والبخاريُّ (3282)، ومسلم (2610) (109 و 110)، وأبو داود (4781).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . ... . . . . كأنها شيخة رقوب (¬1)
قلت: هذا نقل أهل اللغة، ولم يذكروا أن الرقوب يقال على من لا يولد له، مع أنه قد كان معروفا عند الصحابة - رضي الله عنهم - ولذلك أجابوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقياس يقتضيه؛ لأنَّ الذي لا يولد له يكثر ارتقابه للولد، وانتظاره له، ويطمع فيه إذا كان ممن يرتجي ذلك، كما يقال على المرأة التي ترقب موت زوجها: رقوب. وللناقة التي ترقب الحوض فتنفر منه، ولا تقربه: رقوب.
قلت: ويحتمل أن يُحمل قولهم في الرقوب: إنه الذي لا يولد له بعد فقد أولاده؛ لوصوله من الكبر إلى حال لا يولد له، فتجتمع عليه مصيبة الفقد ومصيبة اليأس، وهذا هو الأليق بمساق الحديث. ألا ترى قوله: ليس ذلك الرقوب، ولكنه الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئًا) أي: هو أحق باسم الرقوب من ذلك، لأنَّ هذا الذي أصيب بفقد أولاده في الدنيا ينجبر في الآخرة بما يعوض على ذلك من الثواب، وأما من لم يمت له ولد فيفقد في الآخرة ثواب فقد الولد، فهو أحق باسم الرقوب من الأول، وقد صدر هذا الأسلوب من النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، كقوله: ليس المسكين بالطواف عليكم (¬2) وليس الشديد بالصرعة وليس الواصل بالمكافئ (¬3) ومثله كثير. ولم يرد بهذا السلب سلب الأصل. لكن سلب الأولى
¬__________
(¬1) هذا عجز بيت، وصدره: باتَتْ على إرَمٍ عذوبًا.
(¬2) رواه أحمد (2/ 457)، والبخاري (1476)، ومسلم (1039) (102)، وأبو داود (1631)، والنسائي (5/ 84 - 85).
(¬3) رواه البخاري (5991)، وأبو داود (1697)، والترمذي (1909).