كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)

ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبدِ الحَارِثِ بنِ الخَزرَجِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنصَارِ خَيرٌ، فَلَحِقَنَا سَعدُ بنُ عُبَادَةَ فَقَالَ أَبُو أُسَيدٍ: أَلَم تَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ دُورَ الأَنصَارِ فَجَعَلَنَا آخِرًا، فَأَدرَكَ سَعدٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَيَّرتَ دُورَ الأَنصَارِ فَجَعَلتَنَا آخِرًا، فَقَالَ: أَوَلَيسَ بِحَسبِكُم أَن تَكُونُوا مِن الخِيَارِ؟ ! .
رواه أحمد (5/ 424)، والبخاريّ (1481)، ومسلم (1392) في الفضائل (11 و 12)، وأبو داود (3079).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بحسب سبقهم إلى الإسلام، وظهور آثارهم فيه، وتلك الأمور وقعت في الوجود مرتبة على حسب ما شاء الله تعالى في الأزل، وإذا كان كذلك لم يتقدَّم متأخر منهم على منزلته، كما لا يتأخر متقدِّم منهم عن مرتبته، إذ تلك مراتب معلومة على قسم مقسومة، وقد سبق لسعادتهم القضاء: {يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشَاءُ}
و(قوله: ثم دار بني عبد الحارث) كذا وقع للعذري، والفارسي، وهو وَهمٌ. والصواب: بني الحارث، بإسقاط عبد، والله أعلم.
و(قوله: وجعلنا آخرًا) وقع في بعض النسخ آخر بغير تنوين ولا ألف. جعله غير منصرف، وليس بصحيح الرواية، ولا المعنى، إذ لا مانع من صرفه، لأنَّ آخرًا هنا: هو الذي يقابل: أولًا، وكلاهما مصروف، وهو منصوبٌ على أنه المفعول الثاني لجعل، لأنَّه بمعنى: صيَّر. ويحتمل أن يتأوَّل في معنى جعل: معنى أنزل، فيكون ظرفًا، أي: أنزلتنا منزلًا متأخرًا. وعلى الوجهين فلا بدَّ من صرفه، وكذا وجدناه من تقييد المحققين.
و(قوله: أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار) ويروى: من الأخيار، وكلاهما صحيح.

الصفحة 60