كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 6)
قَالَ مُوسَى: أَنتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وَأَسجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ، ثُمَّ أَهبَطتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الأَرضِ؛ فَقَالَ آدَمُ: أَنتَ مُوسَى الَّذِي اصطَفَاكَ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، وَأَعطَاكَ الأَلوَاحَ فِيهَا تِبيَانُ كُلِّ شَيءٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: أنت آدم الذي خلقك الله بيده) هو استفهام تقرير وإضافة الله خلق آدم إلى يده إضافة تشريف، ويصح أن يراد باليد هنا: القدرة والنعمة، إذ كلاهما موجود في اللسان مستعمل فيه، فأمَّا يد الجارحة فالله منزه عن ذلك قطعا.
و(قوله: ونفخ فيك من روحه) يحتمل أن تكون (من) زائدة على المذهب الكوفي. ونفخ: بمعنى خلق، أي: خلق فيك روحه، فأضاف الروح إليه على جهة الملك تخصيصا وتشريفا، كما قال: بيتي، وعبادي. واستعار لـ (خلق): نفخ، لأنَّ الروح من نوع الريح، ويحتمل تأويلا آخر، والله بمراده أعلم، والتسليم للمتشابهات أسلم، وهي طريقة السلف وأهل الاقتداء من الخلف.
و(قوله في الأم: أنت الذي خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة) (¬1) أي: كنت سبب ذلك كله، وقال في رواية أخرى: أنت الذي أغويت الناس (¬2) أي: كنت سبب غواية من غوى منهم، والغواية ضد الرشد، كما قال الله تعالى: {قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ} وقد يراد بها الخطأ، وعليها يحمل: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} أي: أخطأ صواب ما أمر به، وهذا أحسن ما قيل في ذلك، إن شاء الله تعالى.
و(قوله: وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء) يعني: الألواح التي قال الله تعالى فيها: {وَكَتَبنَا لَهُ فِي الأَلوَاحِ مِن كُلِّ شَيءٍ} وهي
¬__________
(¬1) رواه مسلم (2652) (13).
(¬2) رواه مسلم (2652) (14).